![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
ويبقى أبو عمرو مضطلعاً بمهام السفارة ، قائماً بها خير قيام ، إلى أن يوافيه الأجل .فيقوم ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان بتغسيله وتجهيزه(1). ويدفن كما قال أبو نصر هبة الله محمد – في الجانب الغربي من بغداد ، في شارع الميدان في أول الموضع المعروف بدرب جبلة في مسجد الدرب ، يمنة الداخل إليه ،والقبر في نفس قبلة المسجد . قال الشيخ الطوسي: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره ،وكان بني في وجهة الحائط ، به محراب المسجد ،وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيق مظلم ، فكنا ندخل إليه ونزور مشاهرة . قال : وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة ثمان واربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين واربعمائة . ثم نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمد بن الفرج ،وأبرز القبر إلى برا – أي الى الخارج – وعمل عليه صندوقاً ، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره.
ــــــــــــــــ
صفحة (400)
قال الشيخ : ويتبرك جيران المحلة بزيارته ،ويقولون :هو رجل صالح ،وربما قالوا :هو ابن داية الحسين (ع). ولا يعرفون حقيقة الحال فيه .وهو إلى يومنا هذا – وذلك سنة سبع وأربعين واربعمائة – على ما هو عليه(1). أقول : وقبره شهيد الآن مشيد معروف ببغداد ، يزار ويتبرك به. ونستطيع أن نعرف من جهالة الناس لحقيقة قبره في زمان الشيخ الطوسي "قده" مقدار الغموض والكتمان الذي كان يحيط السفارة المهدوية ، في حياة السفير وبعد مماته ، بل بعد ما يزيد على مائتي سنة على دفنه . ولم يفت أبو عمرو قبل وفاته ، أن يبلغ أصحابه وقواعده الشعبية ، ما هو مأمور به من قبل المهدي عليه السلام ، من إيكال السفارة بعده إلى ابنه محمد بن عثمان ، وجعل الأمر كله مردوداً إليه(2). ويكون لوفاته رنة أسى في قلوب عار في فضله ومقدري منزلته وخاصة الامام المهدي (ع) نفسه، فنراه يكتب إلى ابنه السفير الثاني يعزيه بابيه قائلاً: انا لله وانا إليه راجعون. تسليماً لأمره ورضاءً بقضائه. عاش أبوك سعيداً ومات حميداً ، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام ،فلم يزل مجتهداً في أمرهم ساعياً فيما يقربهم إلى الله عز وجل وإليهم . نضر الله وجهه وأقال عثرته.
ــــــــــــــــ
(2) غيبة الشيخ الطوسي ص221.
صفحة (401) وفي فصل آخر من كتابه اليه يقول عليه السلام: اجزل الله لك الثواب واحسن لك العزاء ، رزيت ورزينا وأوحشك فراقه وأوحشنا فسره الله في منقلبه .كان من كمال سعادته أن رزقه الله تعالى ولداً مثلك يخلفه من بعده ، ويقوم مقامه بأمره ،ويترحم عليه، وأقول: الحمد لله ،فإن الأنفس طيبة بمكانك وما جعله الله تعالى فيك وعندك. أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك، وكان لك ولياً وحافظاً وراعياً وكافياً (1). وفي هذين النصين ، من المعاني الإسلامية السامية ، في اسلوب الترحم على المؤمن والدعاء له والثناء عليه، ما فيه بصيرة لمن ألقى السمع وهو شهيد . السفير الثاني : هو الشيخ الجليل محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، تولى السفارة بعد أبيه ، بنص من الامام العسكري عليه السلام، حيث قال عليه السلام لوفد اليمن الذي أشرنا إليه: واشهدوا عليّ أن عثمان بن سعيد وكيلي ،وان ابنه محمد وكيل ابني مهديكم (2). وبنص أبيه على سفارته بأمر من المهدي (ع)(3).
ــــــــــــــــ
(2) المصدر ص216. (3) المصدر ص218 و221.
|
|
![]() |
![]() |
|