والضرورة تعني أن من المستحيل أن تنفصل إحدى الظاهرتين عن الأخرى ، ولكن هذه العلاقة تحولت في منطق العلم الحديث إلى قانون الاقتران أو التتابع المطرد بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة الغيبية .

وبهذا تصبح المعجزة حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران أو التتابع دون أن تصطدم بضرورة أو تؤدي إلى إستحالة .

وأما على ضوء الأسس المنطقية للاستقراء فنحن نتفق مع وجهة النظر العلمية الحديثة في أن الاستقراء ، لا يبرهن على علاقة الضرورة بين الظاهرتين ولكنا نرى أنه يدل على وجود تفسير مشترك لاطراد التقارن أو التعاقب بين الظاهرتين باستمرار ، وهذا التفسير المشترك كما يمكن صياغته على أساس افتراض الضرورة الذاتية ، كذلك يمكن صياغته على أساس افتراض حكمة دعت منظم الكون إلى ربط ظواهر معينة بظواهر أخرى باستمرار وهذه الحكمة نفسها تدعو أحياناً إلى الاستثناء فتحدث المعجزة .


صفحة (
43)
 

2. لماذا كل هذا الحرص على أطالة عمره ؟
 

ونتناول الآن السؤال الثاني وهو يقول : لماذا كل هذا الحرص من الله سبحانه وتعالى على هذا الإنسان بالذات ، فتعطل من أجله القوانين الطبيعية لإطالة عمره ؟ ولماذا لا تترك قيادة القيم الموعود لشخص يتمخض عنه المستقبل ، وتنضجه أرهاصات اليوم الموعود فيبرز على الساحة ويمارس دوره المنتظر .

وبكلمة أخرى : ما هي فائدة هذه الغيبة الطويلة وما المبرر لها ؟

وكثير من الناس يسألون هذا السؤال وهم لا يريدون أن يسمعوا جواباً غيبياً ، فنحن نؤمن بأن الأئمة الاثني عشر مجموعة فريدة لا يمكن التعويض عن أي واحد منهم ، غير أن هؤلاء المتسائلين يطالبون بتفسير اجتماعي للموقف ، على ضوء الحقائق المسحوسة لعملية التغيير الكبرى نفسها والمتطلبات المفهومة لليوم الموعود .


صفحة (
46)