الفصل الخامس

المنجزات الأولى للإمام المهدي (ع)

إلى حين الوصول إلى العراق


وينبغي أن نتكلم في هذا الفصل ضمن عدة جهات :

الجهة الأولى : في حديث : يصلحه الله في ليلة .

وهو ما نود استهلال هذا الفصل به لأن انتصاره سيكون في ليلة ظهوره نفسها .

وهذا الحديث وارد في مصادر كلا الفريقين .وإن كان في المصادر العامة أغلب .

فمن مصادر الإمامية : ما أخرجه الصدوق في إكمال الدين بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ ، قال: ويصلح الله عز وجل أمره في ليلة .وروى نحوه عن أبي جعفر الباقر (ع) (1) ما رواه الطبرسي(2) عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال الحسين (ع) ـ في حديث ـ :

قائمنا أهل البيت يصلح الله تعالى امره في ليلة واحدة .

ومن المصادر العامة ،ما أخرجه ابن ماجة(3) عن علي (ع) ، قال:

قال رسول الله (ص) المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة .

ونقل نحوه ابن حجر في الصواعق(4) عن أحمد .وفي مفتاح كنوز السنة(5) نقله عن أبي داود و الترمذي وأحمد.

 

صفحة (301)

ـــــــــــــــــ

(1) انظر الخبرين في المصدر المخطوط.    (2) ص401.

(3) ج2 ص1367.                          (4) انظر ص97.

(5) ص484.

 

ونقله السيوطي(1) عن أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجة ونعيم ابن حماد في الفتن وأخرجه القندوزي في الينابيع أيضاً(2) .

وفي بعض الروايات  تشبيهه بموسى بن عمران (ع) من هذه الناحية .روى القطب الراوندي(3) مرسلاً ، قال: قال محمد بن علي التقي الجواد لعبد العظيم الحسني :

المهدي ... من ولدي ،وإن الله يصلح أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى (ع) حيث ذهب ليقتبس لأهله ناراً.

والمراد من إصلاحه أو إصلاح أمره توفير النصر لديه ،أو إيجاد المقدمات الواضحة للنصر. قالوا في اللغة: صلح ضد  فسد ، أو زال عنه الفساد ، يقال :صلحت حال فلان .وأصلحه بعد فساد أقامه(4).

فالمهدي (ع) بعد أن كان في حال غيبته وتنكر ، وكان أعزلاً عن السلاح بعيداً عن الحكم، يصبح بين عشية وضحاها، في ليلة واحدة ، منتصراً فائزاً  قائداً له من العدة والعدد ما يستطيع به السيطرة على العالم بأسرع وقت وأسهل سبيل .

وأول وأهم خطوة لهذا النصر هم اجتماع أصحابه الخاصين حوله ومبايعتهم له ، وهو يحدث في ليلة واحدة  هو نفس المساء الذي يخطب فيه بين الركن والمقام . وهذا صحيح على كلا الأطروحتين: ألإعجازية والطبيعية لإجتماعهم ... فإنهم يجتمعون في تلك اللحظة حوله على أي حال .

إذن ، فإجتماع أصحابه هو الشيء الرئيسئ المشار إليه في هذا الحديث الشريف ،بصفته أول مراحل تصاعد الإنتصار التدريجي السريع بما فيه اجتماع عشرة الآف نفس في الأيام القليلة القادمة قبل الخروج من مكة .

الجهة الثانية : عرفنا تقدم حكم السفياني وتهديده للإمام المهدي (ع) بالقتل والخسف بالجيش الذي يرسله، تقدم كل ذلك على الظهور . حتى جعل الخسف من علامات الظهور للمهدي (ع) كما سمعناه في هذا الكتاب وسابقه(5).


صفحة (302)

ـــــــــــــــــ

(1) ج2 ص124.   (2) ص519ط النجف.

(3) الخرايج والجرايح ص199.

(4) أقرب الموارد ،مادة :صلح :ج2ص656.

(5) انظر تاريخ الغيبة الكبرى .ص599.

 

 

غير ان هناك من الأخبار ما يدل على تأخير التهديد والخسف على الظهور .وهو إنما يحصل في الأيام الأولى للظهور ،وهي الفترة التي نعرضها الآن من حياة الإمام المهدي . فينبغي أن لا نمر بهذه الأخبار مسرعين .

أخرج أبو داود(1) عن أم سلمة زوج النبي (ص) عن النبي (ص) قال:

يكون اختلاف عند موت خليفة .... فيخرجونه ( يعني المهدي (ع)) وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام. ويبعث الله اليه بعث من أهل الشام فيخسف بهم البيداء بين مكة والمدينة .فإن رأى الناس ذلك ، أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق ، فيبايعونه ، الحديث .

وأخرجه السيوطي(2) عن أبن ابي شيبة وأحمد وأبو يعلي والطبراني، اخرج السيوطي(3) عن الطبراني في الأوسط والحاكم عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله (ص) :

يبايع لرجل بن الركن والمقام عدة أهل بدر، فتأتيه عصائب أهل العراق وأبدال اهل الشام  . فيغزوه جيش من أهل الشام  ،حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم .

وأخرج المجلسي في البحار(4) عن عبد الأعلى الحلبي ، قال: قال أبو جعفر (ع) :

يكون لصاحب هذا الأمر غيبة .... ( ثم يذكر حوادث الظهور واجتماع أصحاب المهدي (ع) ومبايعتهم له. ويقول بعد ذلك) :حتى ينتهي (يعني المهدي (ع) وجيشه) إلى البيداء . فيخرج إليه جيش السفياني ، فيأمر الله الأرض فيأخذهم من تحت أقدامهم ،وهو قول الله " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب(5) وقالوا آمنا  به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون ،كما فعل بأشياعهم من قبل ، إنهم كانوا في شك مريب" يعني بقائم آمحمد "وقد كفروا به " يعني بقائم آل محمد ، إلى آخر السورة . فلا يبقى منهم إلا رجلان .. الحديث .


صفحة (303)

ـــــــــــــــــ

(1) انظر سنن أبي داود ج2 ص423

(2) الحاوي ج2 ص126

(3) المصدر ص129

(4) ج13 ص188 وما بعدها .

(5) سبأ :24/52-54