وبالتالي في أي لحظة مهما كانت ... ليس فقط بمجرد احتمال، بل هناك ما يدل عليه من الأخبار .كما سمعنا في التاريخ السابق كقوله :مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا الله عز وجل .لا تأتيكم إلا بغتة .وقول المهدي الذي سمعناه هناك .في رسالته للشيخ المفيد(1) فإن أمرنا بغتة فجأة .

إذن ، فهناك ما يكفي للإثبات على بعض التحديدات ، كما أن هناك ما يكفي إثبات الإطلاق – لو صح التعبير ـ ، ولاتعارض بينهما ، لأن ظهور المهدي (ع) في بعض هذه المواعيد المحددة مصداق من ذلك الإطلاق على أي حال .نعم ، تكون أدلة الإطلاق  موجبة نفسياً وعقلياً للإنتظار الدائم .

المستوى الرابع : أننا لو فرضنا أن الأخبار الدالة على التحديد قطعية الصدور عن المعصومين (ع) ، فإن مضمونها يبقى محتملاً غير قطعي ، لإحتمال نسخه وحصول البدء فيه .... بالمعنى الذي قام الدليل على إمكانه على الله عز وجل وخاصة بعد أن نسمع من الأخبار ماهو محتوم ، يمكن أن يقع فيه البدء بالرغم من كونه محتوماً .

فالسفياني ـ مثلاً ـ الذي ورد في عدد من الروايات أنه من المحتوم ،وفي بعضها القسم على ذلك ..كالذي رواه النعماني في الغيبة(2) بسنده عن عبد الملك بن أعين ، قال :

كنت عند أبي جعفر (ع) فجرى ذكر القائم (ع) . فقلت له : أرجو أن يكون عاجلاً . ولا يكون سفياني .فقال : لا والله ! إنه لمن المحتوم الذي لا بد منه ويشبهه الخبر الذي يليه .

بالرغم من ذلك ، فقد ورد فيه احتمال البدء، ومن ثم احتمال أن لا يوجد كالخبر الذي ورد عن داود بن القاسم الجعفري ، قال:كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا (ع) ، فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم ، فقلت لأبي جعفر (ع) : هل يبدو لله في المحتوم ؟

قال: نعم .قلنا له : فنخاف أن يبدو لله في القائم ! ... فقال : إن القائم من الميعاد ، والله لا يخلف الميعاد(3).


صفحة (219)

ـــــــــــــــــ  

(1) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص27وما بعدها .

(2) ص161.

(3) المصدر ص162.واعلم أن احتمال البداء في السفياني وغيره لا يعني اسقاطه عن نظر الإعتباروالإلتزام بعدمه .فإن معنى احتمال البداء هو كون السفياني – مثلاً – داخلاً في التخطط . فمن زاوية كونه دخيلاً لا معنى لإسقاطه عن نظر الإعتبار. أقول : وهذاالتبدل إنما يحصل في بعض التطبيقات لا في الاسس  العامة للتخطيط بطبيعة الحال.

 

فإذا كان البدء يمكن أن يحصل في المحتوم الذي لا بد منه ، فكيف حال التحديدات غير المحتومة .

وإذا كان احتمال البدء موجوداً ، لم يبق هناك موعد معين معروف لدى الناس لا يقبل الخلاف والتبديل ، ومعه يبقى الإنتظار الدائم ساري المفعول .... طبقاً لروايات (الإطلاق) التي سمعناها .

الأمر الثالث : هل تكون هذه الأخبار الدالة على تعيين اليوم والشهر مشمولة لأخبار نفي التوقيت ولعن الوقاتين . فإن كانت كذلك كانت واجبة التكذيب لا محالة .

إلا أن هذا الشمول غير صحيح ، ولكل من شكلي الأخبار ميدانه الخاص به من دون أن يكذب احدهما الآخر .

وأهم دليل على ذلك ، وجود قرائن داخلية في نفس الأخبار النافية للتوقيت تجعلها نصاً في مركز التكذيب هو رقم السنة فقط .دون اسم الشهرة ورقم اليوم واسمه من الأسبوع ، كالخبر الذي أخرجه النعماني(1) عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر الباقر(ع) يقول : يا ثابت ! إن الله قد وقت هذا الأمر في سنة السبعين. فلما قتل الحسين (ع) اشتد غضب الله فأخره غلى أربعين ومائة . فلما حدثناكم بذلك أذعنتم وكشفتم قناع الستر. فلم يجعل الله لهذا الأمر بعد ذلك عندنا وقتاً .يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب .قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله الصادق (ع) ، فقال : قد كان ذلك .

وهناك بعض الأخبار بهذا المضمون ...هي واضحة في أن ما ألغاه الله تعالى وأمر بتكذيبه إنما هو رقم السنة ، وهو لايشمل الخصائص الأخرى غير أن هذه الأخبار تحتوي ، من بعض الجهات الأخرى ، على بعض الإستفهامات التي لا مجال الآن إلى عرضها والجواب عليها .ولعلنا نتوفر على ذلك على ذلك في محل آخر من هذه الموسوعة .


صفحة (220)

ـــــــــــــــــ  

(1) انظر الغيبة الكبرى للنعماني ص157.