الزاوية الثالثة : في تعيين اسم اليوم الأسبوعي .

روى الشيخ أيضاً (1) عن علي بن مهزيار ، قال :

قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : كأني بالقائم يوم عاشوراء  ، يوم السبت ... الحديث

وروى الصدوق في الإكمال(2) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع ) قال: يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء، يوم الذي قتل فيه الحسين (ع) .

الناحية الثانية : في مقدار صلاحية هذه الأخبار للإثبات :

بعد مراجعة مجموع ما ورد في المصادر من هذه الأخبار ، نجد أن الرويات الدالة على أن المهدي (ع) يظهر في وتر من السنين ، قليلة العدد ، وكذلك الروايات الدالة على أنه يظهر يوم السبت ...بخلاف ما دل على أنه يظهر في اليوم العاشر من محرم الحرام ، فإن فيه روايات عديدة قابلة للإثبات التاريخي .

وقد وجدنا إن تلك الأخبار القليلة مروية بأسانيد ضعيفة ، وقع فيها مجاهيل وضعاف ، فلا تكون قابلة للإثبات .ومعه يثبت أنه (ع) يظهر يوم العشر من محرم الحرام فقط . وهي أكثر هذه الخصائص أهمية وأشدها دخلاً في التكوين الفكري العام الذي عرفناه ... كما سنسمع .

الناحية الثالثة: في محاولة التعرف على حكمة التوقيت : في اليوم العاشر من المحرم ، بحسب فهمنا الحاضر، وطبقاً للتكوين الفكري العام الذي عرفناه ، ونتحدث عن ذلك ضمن نقطتين :

النقطة الأولى : إن المقصود الأساسي ـ بحسب ما نفهم – من هذا التوقيت ، أمران :

ألأمر الأول : كون هذا اليوم هو مقتل جده الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (ع) ، وهو ما نطقت به الروايات على ما سمعناه .


صفحة (213)

ـــــــــــــــــ  

(1) نفس الصفحة .

(2) انظر إكمال الدين ( المخطوط ) .

 

باعتبار أن ثورة الحسين (ع) وثورة المهدي (ع) معاً منسجمتان في الهدف ، وهو حفظ الإسلام من الإندراس والضمور .وقد كانت ثورة الحسين (ع) في حقيقتها من بعض مقدمات ثورة المهدي (ع) وإنجاز يومه الموعود، بصفتها جزءاً من التخطيط الإلهي لإعداد العاطفة والإخلاص والوعي في الأمة ، توخياً لإيجاد العدد الكافي لغزو العالم بالعدل ، بين يدي المهدي (ع) ولو بعد حين .

كما أن ثورة الإمام المهدي(ع) دفاع عن الإمام الحسين (ع) وأخذ بثأره ، باعتبار كونها محققة للهدف الأساسي المشترك وهو تطبيق العدل وإزالة كل ظلم وكفر وإنحراف .وقد وردت بهذا المعنى بعض الأخبار التي سنسمعها .

وقد كان ولا زال وسيبقى وجود الحسين (ع) وثورته في ضمير الأمة خاصة والبشرية عامة حياً نابضاً ، على مختلف المستويات ، يلهم الأجيال روح الثورة والتضحية والإخلاص .ومن هنا كان الإنطلاق من زاويته انطلاقاً من نقطة قوة متسالم على صحتها ورجحانها .وإن أهم مناسبة يمكن الحديث فيها عن الإمام الحسين (ع) وأهدافه ، هو يوم ذكرى مقتله في العاشر من شهر محرم الحرام ، ومن هنا كان هذا التوقيت للظهور حكيماً وصحيحاً .

ألامر الثاني: كون هذا اليوم قريباً من موعد الحج الذي هو المنطلق الأساسي إجتماع المسلمين والفرصة الرئيسية الوحيدة التي يمكن وصول أنصار الإمام المهدي (ع) إليه في الموعد المخصص . بالأسلوب الطبيعي غير الإعجازي ، على ما سنسمع في النقطة الآتية :

النقطة الثانية : أننا سمعنا في أخار النداء وفي اخبار التوقيت الأخيرة ، أن النداء باسم المهدي (ع) سيكون في شهر رمضان ، حيث تكون النفوس عادة أقرب إلى طاعة الله وأبعد عن معصيته وأكثر اهتماماً بالأمور الدينية من أي شيء آخر .بل لعل النداء سيكون في ليلة القدر ، الثالث والعشرين من رمضان ... التي هي مركز  الطاعة والعبادة من ذلك الشهر .

وسيكون ظهوره (ع) في اليوم العاشر من المحرم ، أي أن الفاصل بين النداء والظهور حوالي مئة وسبعة أيام

والروايات ، لم تنص على هذا التتابع ، إلا أنه من غير المحتمل أن يكون النداء في رمضان من بعض السنين، ويكون الظهور في محرم بعد عدة سنين أخرى ، ولا حتى بعد مدار سنة كاملة ، أي – بالضبط – بعد عام وثلاثة أشهر وسبعة أيام.

 

صفحة (214)
 

ولعل أهم دليل على التتابع ونفي الإنفصال ، هو ما استفدناه من أخبار النداء من كون حدوث النداء إنما هو للتنبيه والإعلان عن حصول الظهور .وهذا إنما يصدق في الزمان القريب .ولعله إذا وجد بعد أيام قليلة كان أفضل.لولا أن مصلحة كبيرة هي التي اقتضت تأجيله إلى العاشر من محرم .وهو تاريخ  كبير نسبياً بالنسبة إلى تطبيق فكرة التنبيه والإعلان . ومن هنا لا يمكن الزيادة عليه إلا برفع عن هذه الفكرة ، ولكنها فكرة ثابته باعتبار دلالة الأخبار عليها ، كما سبق ، إذن فلابد من الإلتزام  بقر ب الظهور إلى وقت النداء ...وذلك بالشكل الذي عرفناه .

وتستطيع أن تتصور معي حال الأمة الإسلامية خلال هذه المدة ، وماهو مقدار تأثير النداء فيها .ومدى رد الفعل المتوقع له، وكيف سيكون عليه موسم الحج في ذلك العام ، وماذا سيكون رد الفعل من من قبل أولئك الممحصين المخلصين المؤهلين لغزو العالم بالعدل بين يدي القائد المهدي (ع) .

إن كل مؤمن ممحص، سيرى في النداء باسم المهدي (ع) الشرارة الأولى للظهور ،ولإثارة الشعور بالمسؤولية الإسلامية والوجوب الإسلامي في نفس الفرد فينصرة المهدي (ع) والمشاركة في شرف تأسيس العدل في العالم وتوطيد الدولة العالمية الإسلامية .

وسيكون ذهاب الفرد إلى مكة اعتيادياً ، لا يثير شكاً ولا يلفت نظراً . إنه يذهب إلى الحج كما يذهب أي فرد في كل عام. وبذلك يتخطى الحدود القانونية التي وضعتها الحضارة الحديثة(1).وسيكون الفرد في مكة عند ظهور المهدي (ع) . طبقاً للتخطيط الإلهي الحكيم .

وبذلك يتوافد كل أنصار المهدي (ع) من كل العالم ، وقد أصبحوا بعدد كاف لغزو العالم بالعدل ، نتيجة للتخطيط العام .....ويحجون مع الناس .وهم يتوقعون ظهوره في أي لحظة ... إن لم يكونوا مسبوقين بروايات التوقيت – ولكن الظهور سيتأخر عن أيام الحج ... فيسافر الحجاج راجعين إلى بلدانهم وتخلو مكة المكرمة منهم ...إلا أولئك الذين ينتظرون الظهور .إنهم سوف يضطرون إلى البقاء بعد الحج إلى موعد قد لا يعرفونه بالتحديد ...هو موعد الظهور ... بدون أن يصرحوا بمقاصدهم الحقيقية لأي إنسان .


صفحة (215)

ـــــــــــــــــ  

(1) أود في هذا المقام أن نتذكر قوله تعالى : " كذلك كدنا ليوسف ، ما كان ليأخذ أخاه في دينالملك ، إلا أن يشاء الله ، نرفع درجات من نشاء ،وفوق كل ذي علم عليم " يوسف : 12/76