|
|||||
|
فإن للفهمين (الصريحين) التقليدين للسفياني والدجال ، إتجاه إلى عزل أحدهما عن الآخر عزلاً تاماً ، طبقاً للظهور الأولي للأخبار ... فالمسيح ينزل فيقتل الدجال في دمشق بدون أن يكون السفياني موجوداً في العالم . والمهدي (ع) يظهر فيحارب السفياني بدون أن يكون الدجال موجوداً في العالم . ولكننا إذا علمنا أن زمن ظهور المهدي (ع) ونزول المسيح واحد ، حتى أن المسيح يصلي وراء المهدي (ع) تكرمة لهذه الأمة كما وردت بذلك الأخبار، وسنرويها فيما يلي : إذاً ، سيكون هذا الإتجاه التقليدي مبرهن البطلان .ولا بد من أن يكون الدجال والسفياني متعاصرين ، ولابد من وجود العلاقة بينهما بشكل من الأشكال. وإذا كان الدجال عبارة عن الحضارة المادية الحديثة بخطها الطويل ، وكان السفياني آخر الحكام المنحرفين في الشرق ، فسوف لا يصعب علينا تصور العلاقة يبنهما .بعد أن أصبحنا نعيش بكل حواسنا تطبيقات الدجال والسفياني بكل وضوح ....ونعلم الأشكال الصريحة والمبطنة لعلاقة أحدهما بالآخر بشكل نكون في غنى عن عرضه .
وهذا التحديد للعلاقة ، منطلق من فهمنا لذينك المفهومين ، بغض النظر عما اكتسبه
مفهوم الدجال من رتوش محتملة عند الحديث عن علاقته بيأجوج ومأجوج .إذ مع الأخذ
ببعض الأطروحات التي ذكرناها هناك ، سوف نحتاج إلى بعض التغيير في تصور العلاقة
...وهذا ما نوكله إل القارىء الذكي . وهو إنسان قرنت حركته ومقتله بظهور الإمام المهدي (ع) ، في أخبار المصادر الخاصة على الأغلب . وقد سبق في التاريخ السابق(2) أن بحثنا ذلك وعرضنا الأخبار التي تصرح بأن مقتل النفس الزكية من المحتوم، وغيرها .
ـــــــــــــــــ (1) تاريخ الغيبة الكبرى ص630وما بعدها (2) انظر ص604وما بعدها إلى عدة صفحات .
ولكننا لم نستطع هناك – بما كان لنا من منهج في الإثبات التاريخي – ان ندفع احتمالاً معيناً ، هو أن تكون النفس الزكية هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) .وحيث ان مقتله قد حصل في العهد العباسي الأول ، فلا ينبغي انتظار حادثة أخرى لمقتل النفس الزكية في مستقبل الدهر . ولكننا نحاول الآن أن نبحث المطلب بشكل جديد ، انطلاقاً من المنهج الذي اتخذناه في هذا التاريخ ، وهو التنزل عن التشدد السندي وقبول الخبر الموثوق، وإن لم تقم القرائن على صدقه من الخارج .وهذه هي نقطة الإختلاف بين المنهجين ، كما أشرنا في أول الكتاب . وينبغي أن نتكلم عن (النفس الزكية) ضمن عدة نواحي : الناحية الأولى : في سرد الأخبار الواردة في هذا الموضوع ، غير ما نقلناه في التاريخ السابق ، إلا القليل الذي نحتاجه فنكرره . روينا في التاريخ السابق(1) عن المفيد في الإرشاد (2) عن أبي جعفر الباقر (ع) والشيخ في الغيبة(3) والصدوق في إكمال الدين(4) عن أبي عبد الله الصادق (ع) بلفظ متقارب – واللفظ للمفيد - : أنه قال : ليس بين قيام القائم (ع) وقتل النفس الزكية ، أكثرمن خمس عشرة ليلة . وقال في الإرشاد (5) : قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي (ع) ... وعد منها : ذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام . وأخرج في البحار(6) عن السيد علي بن عبد الحميد بالإسناد إلى أبي بصير عن أبي جعفر (ع) ، في حديث طويل ، يقول فيه : يقول القائم (ع) لأصحابه : يا قوم . إن أهل مكة لا يريدونني ، ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم .
صفحة (176) ـــــــــــــــــ (1) المصدر ص605. (2) ص339. (3) ص271. (4) انظر المصدر المخطوط . (5) ص336. (6) ج13 ص180.
فيدعو رجلاً من أصحابه ، فيقول له : إمض إلى أهل مكة ! أنا رسول فلان إليكم ، وهو يقول :إنا أهل بيت الرحمة ومعدن الرسالة والخلافة ، ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين . وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتز منا حقنا ، منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا ،فنحن نستنصركم فانصرونا . فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام ، أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام ، وهو النفس الزكية ... الحديث . وأخرج أيضاً(1) عن الكافي بسنده عن يعقوب السراج عن أبي عبد الله (ع) في حديث عن المهدي (ع) يقول فيه: ويستأذن الله في ظهوره :فيطلع على ذلك بعض مواليه .فيأتي الحسني فيخبره الخبر ، فيبتدر الحسني إلى الخروج ، فيشب عليه أهل مكة ، فيقتلونه ، ويبعثون برأسه إلى الشام ، فيظهر عند ذلك صاحب الأمر .. الخبر. وقال الرواندي في الخرايج والجرايج(2): وروي أن النفس الزكية هو غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم .فإذا قتل فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد . أقول : وأرسل الصافي في منخب الأثر(3) هذا المعنى ارسال المسلمات . وأخرج الصافي(4) عن غيبة الشيخ بسنده عن سفيان بن ابراهيم الحريري أنه سمع أباه يقول : النفس الزكية غلام من آل محمد ، اسمه محمد بن الحسن ، يقتل بلا جرم ولا ذنب .فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر .فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد .. الحديث . فهذا هو كل ما وجدناه من الأخبار بهذا الصدد . وسنمحصها بعد إعطاء الفهم المتكامل عنها .
ـــــــــــــــــ (1) البحار ج13ص178. (2) ص196. (3) انظر ص454. (4) ص455.
|
||||
|
|||||