|
|||||
|
لكننا يمكن الإستغناء عن هذه النقطة أيضاً ، لو التفتنا إلى (أطروحة خفاء العنوان) التي عرضناها في التاريخ السابق، والتي تقول: إن المهدي (ع) خلال غيبته يرى الناس ويرونه ولا يعرفونه. وإنما تكون غيبته باعتبار غفلة الناس مطلقة عن حقيقته ... ويعرفونه بعنوان مستعار وشخصية (ثانوية) يتخذها المهدي (ع) في المجتمع . ومعه ، فمن الممكن أن السفياني يعرف تلك (الشخصية الثانوية) أعني ما أتخذه المهدي من عنوان مستعار في ذلك العصر .ويتابع أخباره بتلك الصفة .ويرسل جيشاً لقتله بتلك الصفة أيضاً .وإنما عبر عنه في الأخبار بالمهدي باعتبار حقيقته ، وإنما يخسف بالجيش المعادي له باعتبار ذلك أيضاً .إلا أن السفياني لن يشعر أنه قاصد لقتل المهدي (ع) نفسه ، ولن يشعر الناس بذلك أيضاً لأنه والناس ، إنما يعرفونه بشخصيته الثانوية دون الحقيقية . النقطة الثالثة : أنه تبقى عدة فجوات في تسلسل الحوادث لم تنطق بها الأخبار بوضوح ... ومن الصعب استدراكها بطبيعة الحال ، نذكر لها بعض الأمثلة . منها : دور الجماعة المقبلة من خراسان ، وفيها بعض أصحاب القائم (ع) بقيادة الخراساني .ما هو دورها في العراق هل هو عسكري أو فكري أو ليس لها دور .ما هو موقف السفياني منها حين يسيطر على البلاد . ومنها : دور اليماني عسكرياً وفكرياً وعقائدياً .وإن كان المظنون أنه هو المشار إليه في بعض الأخبار بأن رايته راية هدى ، كما سمعنا في التاريخ السابق(1) والسفياني سيجهز عليه و سيخلي الساحة العراقية منه .إلا أن فجوات أخرى سوف تبقى غير قابلة للجواب . ومنها : عدد أفراد الجيش الذين يتجهون إلى مكة المكرمة للقبض على المهدي (ع) .فهل هو جماعة كبيرة أو صغيرة ، فبينما يعبر عنه في عدد من الأخبار بالجيش ، وهو يوحي بالعدد . ويؤيده ما في بعض الأخبار من أنهم ثمانون ألفاً (2).
إلا أن بعض الأخبار تقول : فيبعث إليه بعث(3) وهو يوحي بالإرسالية الصغيرة
نسبياً . إلا أن الأغلب على التعبير بالجيش على أي حال .
ـــــــــــــــــ
(2) المصدر ص602. غير أن الخبر مروي عن ابن عباس لا عن أحد المعصومين (ع) .* المصدر ص599.
(3) المصدرص 599.
(4)
المصدرص 547. وهذا احتمال معقول لو استطعنا أن نفهم من (بني فلان) في الخبر الذي نقلنا عن النعماني في (الغيبة) ... بني أمية دون بني العباس . فكأنه قال : لابد لبني أمية أن يملكوا .فإذا ملكوا خرج عليهم الخراساني فأهلكهم. فيكون واضح الإنطباق على أبي مسلم دون شك . غير أن هذا الفهم مروي عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) .وهو معاصر لدولة بني أمية ... فلا يكون قوله (لا بد لبني أمية أن يملكوا) معنى واضح . بل يتعين حمله الدولة التي لم تحدث في زمانه .وهي دولة بني العباس .ومن المعلوم أن أبا مسلم أسس دولة العباسيين لا أنه أهلكها . ثانياً : إن الخبر كالصريح في تعاصر حركة الخراساني والسفياني ، ومن المعلوم عدم تحقق حركة السفياني لحد الآن !!!، إذاً فحركة الخراساني لم تتحقق ...إذاً ، فهي ليست منطبقة على حركة أبي مسلم على أي حال . ومعه ، تكون الحركة المشار إليها في أخبار الرايات السود غير الحركة المشار عليها في هذه الأخبار بقيادة الخراساني غير أننا نخسر بذلك شيئاً ذا بال ، وهو : إن الحادثة المشار إليها لو كانت واحدة ، لاستطعنا ضم أخبار الرايات السود إلى أخبار (الخراساني) ، فتصبح كثيرة ومستفيضة ، إن لم تكن متواترة وهذا غير ممكن مع تعدد الحادثة المقصودة . ولكن هذا لا يعني سقوط كلا الطائفتين من الأخبار عن إمكان الإثبات التاريخي ، كل بمقدار قابليته . الناحية الخامسة : قد ثبت بهذه الأخبار وغيرها ، كون الخسف الذي استفاضت به الأخبار في مصادر الفريقين ....إنما يكون بجيش السفياني ، حين يقصد قتل الإمام المهدي (ع) وهو مستجير بمكة . وبذلك نحصل على شيء ذي بال – على عكس الناحية السابقة – وهو انضمام أخبار الخسف المستفيضى إلى أخبار السفياني ، وإن لم تذكر السفياني بالصراحة .فإذا علمنا أن اخبار السفياني مستفيضة ، كان ضم المستفيض إلى المستفيض منتجاً للتواتر لا محالة .
وقد وردت في ذلك عدة أخبار : قال في إسعاف الراغبين(1) وهو يعدد ما ورد في الروايات من حوادث ظهور المهدي (ع) ....قال : وإن السفياني يبعث إليه من الشام جيشاً ، فيخسف بهم البيداء فلا ينجو منهم إلا المخبر . فيسير إليه السفياني بمن معه ، فتكون النصرة للمهدي ، ويذبح السفياني . وروي في البحار(2) حديثاً طويلاً عن جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر (ع) ، يتحدث فيه عن المهدي (ع) وظهوره وما يحدث بعد ذلك ، إلى ان قال : ثم يأتي الكوفة فيطيل فيها المكث ما شاء الله أن يمكث ، حتى يظهر عليها ، ثم يسير حتى يأتي العذرا (3) هو ومن معه ، وقد الحق به ناس كثير والسفياني يومئذ بوادي الرملة .حتى التقوا وهم ، يوم الأبدال ، يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد (ص) ، ويخرج ناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني ، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم .ويخرج كل ناس إلى رايتهم ،وهو يوم الأبدال .قال أمير المؤمنين (ع) : يقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يدرك منهم مخبر ، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب(4) .. الحديث . وفي خبر مطول آخر أخرجه المجلسي في البحار أيضاً (5) عن عبد الأعلى الحلبي قال : قال ابو جعفر (ع) : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة ... إلى أن يقول لأصحابه سيروا إلى هذا الطاغية ، فيدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه (ص) ، فيعطيه السفياني من البيعة سلماً ، فيقول له كلب – وهو أخواله – ما هذا ؟ ما صنعت ؟ والله ما نبايعك على هذا أبداً ...فيقول :ما أصنع فيقولون : ! ... استقبله ! فيستقبله . ثم يقول له القائم صلى الله عليه : خذ حذرك ، فإنني اديت إليك ، وأنا مقاتلك ، فيصبح فيقاتلهم ، فيمنحه الله أكتافهم . ويأخذ السفياني أسيراً ، فينطلق به يذبحه بيده ...الخبر .
ـــــــــــــــــ (1) انظر ص138. (2) ص160-161ج13. (3) في مراصد الإطلاع بالمد : قرية بغوطة دمشق معروفة إليها ينسب مرج عذراء ج2 ص924. (4) أخوال السفياني والمحاربين معه ، كما يظهر من الخبر الآتي وغيره . (5) انظر ج13 ص189.
|
||||
|
|||||