|
|||||
|
أقول : والذي يصلي عيسى بن مريم خلفه هو المهدي (ع) كما وردت بذلك الآثار المستفيضة .ومنها ما في الصحيحين(1) : كيف بكم إذا نزل عيسى بن مريم فيكم وإمامكم منكم . وأخرج الصدوق(2) أيضاً بإسناده عن المفضل بن عمر ، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (ع) : إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نوراً قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام .في أرواحنا .فقيل له : يا بن رسول الله ، ومن الأربعة عشر ؟ فقال : محمد وعلي وفاطمة و الحسن والحسين ، والأئمة من ولد الحسين ، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبة فيقتل الدجال(3) ويطهر الأرض من كل جور وظلم . وفي منتخب الأثر(4) في حديث عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) يقول فيه : ومنا رسول الله ووصيه وسيد الشهداء وجعفر الطيار في الجنة ، وسبطا هذه الأمة ، والمهدي الذي يقتل الدجال . ومن الغريب ان الصحاح تذكر أحاديث في علاقة الدجال بالمسيح ،وأحاديث في علاقة المسيح بالمهدي(ع) ، ولا تورد أي خبر في علاقة المهدي بالدجال، مع أنه تفهم من تينك العلاقتين معاصرته له .ومن المعلوم كون المهدي (ع) هو رائد الحق في العالم فكيف لا يكون له اليد الطولى في قتله و قتاله . لو نظرنا من زاوية أخرى ، رأينا أن تأخر نزول المسيح (ع) عن ظهور المهدي (ع) بفترة من الزمن ، على ما سنسمعه عن المصادر العامة ، ينتج لنا :أن السبب الرئيسي الوحيد في زوال الدجال هو عمل القائد المهدي (ع) ضده وتخطيطه للقضاء عليه .ومن المقطوع بزيفه وبطلانه باليقين أن يظهر الإمام المهدي (ع) فلا يحارب الدجال – بأي معنى فهمناه - ، ويرجىء قتاله إلى حين نزول المسيح من السماء ، فإن ذلك خالف تكليفه الإسلامي ووظيفته الإلهية في قمع الكفر والإنحراف ونشر الهداية في العالم .
(1) انظر صحيح البخاري ج4ص205 ، وصحيح مسلم ج1 ص94 (2) انظر إكمال الدين المخطوط . (3) كذا نقله في منتخب الأثر (ص480) و لكنه في المخطوط : الرجال بالراء . (4) انظر ص172 وما بعدها .
كما أن المقطوع ببطلانه :أن يفترض أن المهدي (ع) يحارب الدجال فيندحر أمامه ، وينتصر الدجال ويحاصر المهدي (ع) ورجاله ، كما يظهر من البرزنجي في الإشاعة(1) وكيف يمكن أن يتحقق ذلك ، وقد ثبت بضرورة الدين وتواتر الاخبار وعن طريق البرهان على التخطيط العام الذي عرفناه ، كون الإمام المهدي (ع) منصوراً مؤيداً حتى يفتح العالم بأجمعه ، ويجمع البشرعلى الحق والعدل . إذاً ، فاليد الطولى في الإجهاز على الدجال ونظامه ، للمهدي (ع) نفسه .نعم ، يمكن أن نفترض مشاركة المسيح (ع) من قتل الدجال ضمن إحدى اطروحتين : الأطروحة الأولى : إن المسيح (ع) يقتل الدجال بالمباشرة ، والمهدي (ع) يقتل الدجال بالتسبب أعني بصفته قائداً أعلى لا تصدر التعليمات الأساسية إلا منه .فيكون إسناد القتل إلى المهدي (ع) من قبيل قولنا : فتح الأمير المدينة ، يعني بأمر منه ، والفاتح المباشر هو الجيش بطبيعة الحال . وهذه الأطروحة ، كما تناسب الفهم الكلاسيكي للدجال ،وهو كونه شخصاً يعينه كذلك تناسب مع الفهم الرمزي الذي دعمناه . ويكون الإجهاز على الدجال من قبل المسيح (ع) بصفته أحد القادة الرئيسين في دولة المهدي العالمية . الأطروحة الثانية :إن المسيح (ع) إذا كان يتأخر نزوله عن ظهور المهدي (ع) ، فقد نتصور أن المهدي (ع) عند ظهوره يقاتل الدجال ، بأي فهم فهمناه وبعد نزول المسيح يوكل هذه المهمة إلى المسيح (ع) . ولا تنافي بين هاتين الأطروحتين ،كما هو واضح لمن يفكر .وبها نجمع بين الأخبار الدالة على أن المسيح قتل الدجال والأخبار الدالة على أن المهدي يقتله فإن كلا هذين القسمين من الأخبار صادقاً ، ولا تنافي بينهما. وهذا ما ورد عنه في القرآن الكريم ، في أكثر من موضع ... وتطاحنت التفاسير فيه ، حتى لم تكد ترسو على أمر مشترك .وذكر لهم بعضها صفات غريبة .وليس المهم الآن الدخول في تفاصيل ذلك ،وإنما المقصود ، هو معرفة مدى ارتباطه بالظهور ومدى ما يمكن أن يكون مدى تأثيره لو كان ارتباطاً .
صفحة (146) وقد ذكر في التاريخ السابق(1) شيئاً من الأخبار عن يأجوج ومأجوج ، وتكلمنا عما إذا كان القرآن بضمه إلى الإخبار دالاً على تقدم خروج يأجوج ومأجوج على الظهور ،ولم نستطع أن نتميز ظهور القرآن في ذلك ، بل بات الأمر محتملاً غير قابل للإثبات التاريخي ، وإن كان محتملاً جداً. وقد روينا هناك(2) ما أخرجه مسلم عن هؤلاء ، نكرر منه هذه الفقرة : " ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ،وهو جبل بيت المقدس . فيقولون: لقد قتلنا أهل الأرض ، هلم فلنقتل من في السماء .فيرمون بنشابهم إلى السناء ، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة بالدم" . وأخرج ابن ماجة (3) عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله (ص) ، قال : "تفتح يأجوج ومأجوج ، فيخرجون . كما قال الله تعالى ، وهم من كل حدب ينسلون . فيعمون الأرض وينحاز منهم المسلمون ، حتى تصير بقية المسلمين في مدائنهم وحصونهم .ويضمون إليهم مواشيهم ، حتى إنهم ليمرون بالنهر فيشربونه ، حتى ما يذرون فيه شيئاً ، فيمر آخرهم على أثرهم ، فيقول قائلهم : لقد كان بهذا المكان مرة ماء." فبينما هم كذلك إذ بعث الله دواب كنعف الجراد ، فتأخذ بأعناقهم ، فيموتون موت الجراد ، يركب بعضهم بعضا. فيصبح المسلمون لا يسمع لهم حساً .فيقولون :من رجل يشري نفسه ، وينظر ما فعلوا ؟فينزل منهم رجل قد وطن نفسه على أن يقتلوه . فيجدهم موتى .فيناديهم :ألا أبشروا . فقد هلك عدوكم .فيخرج الناس ويخلون سبيل مواشيهم .فما يكون لهم رعي إلا لحومهم ، فتشكر عليها ، كأحسن ما شكرت من نبات أصابته قط .
(1) انظر ص633 وما بعدها . (2) المصدر والصفحة . (3) انظر السنن ج2 ص1363 |
||||
|
|||||