|
|||||
|
وأخرج ابن ماجة(4) عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله (ص) : تكون فتنة تستنظف العرب .قتلاها في النار .اللسان فيها أشد من وقع السيف . وفيه دلالة واضحة على فشل العرب في التمحيص في عصر الفتن والإنحراف خلال الغيبة الكبرى ، وهو ما حدث فعلاً ،وحيث نعلم موقف الإمام المهدي (ع) من كل فاشل في التمحيص .كما سيأتي مفصلاً ، نعرف موقفه من هؤلاء العرب الفاشلين ، ومنها : ما أخرجه النعماني في الغيبة (5) : عن أبي بصير ، قال ك قال أبو جعفر(ع) : يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد . على العرب شديد ، ليس شأنه إلا السيف ... ولا يأخذه في الله لومة لائم . وفي حديث آخر (6) عن أبي عبد الله (ع) ، انه قال : إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف ... الحديث . إلى غير ذلك من الأحاديث ، الدالة على أن الميزان الصحيح في نظر القائد المهدي (ع) هو الإيمان والنجاح في التمحيص ، وليس هو اللغة ولا القبلية .فهو لا يميل إلى أهل لغته : العرب ، ولا إلى قبيلته : قريش . بل يأخذهم أخذاً شديداً نحو طاعة الله تعالى ، ويعاقبهم على ما سلف منهم من الذنوب.
(1) المصدر والصفحة . (2) انظر الجامع الصحيح للترمذي ج3 ص325 (3) انظر ج2 ص1305منه. (4) المصدر ص1312 (5) ص122 (6) المصدر والصفحة.
وفي هذه احاديث عديدة ، اقتصرنا منها على مقدار النموذج . النحو الثاني : ما دل من الأخبار على أن أصحابه الممحصين الخاصين الذين يجتمعون إليه ويحاربون بين يديه . ليسوا من عنصر واحد و بل هم من مختلف بلدان العالم . فمن ذلك : ما أخرجه الشيخ في الغيبة(1) عن أبي بصير عن عبد الله يقول فيه عن أبي عبد الله (ع) يقول فيه عن أصحاب القائم (ع ) : فيتوافون من الآفاق ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً وعدة أهل بدر . اقول : وفيه دلالة على ورودهم إليه من مختلف البلدان في العالم . وما أخرجه النعماني في غيته(2) بإسناده عن علي (ع) يقول فيه : ثم يجتمعون قزعاً كقزع الخريف من القبائل ،ما بين الواحد والإثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والثمانية والتسعة والعشرة . أقول : وهو نص في عدم التمييز بين القبائل والأنساب في أصحابه ، وإنما الميزان هو عمق الإخلاص وقوة الإيمان والإرادة . وأخرج(3)في خبر آخر عن الإمام الباقر (ع) وقال : أصحاب القائم ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً . من أولاد العجم بعضهم . أقول : والمراد بالعجم غير العرب لا خصوص الفرس ، كما هو معروف في اللغة . فليس الميزان هو اللغة أو الدم أو العنصر، وإلا لا يقبل المهدي (ع) القائم في أصحابه إلا العرب ، بل الميزان أمور أخرى اوسع واعمق . النحو الثالث : ما دل من الأخبار على مشاركة غير العرب في حكم العالم وهداية الناس تحت ظل دولة المهدي (ع) .
(1) ص284 وما بعدها . (2) غيبة النعماني ص168. (3) المصدر ص170.
فمن ذلك : ما رواه النعماني في غيبته بسنده عن الإصبغ بن نباته قال: سمعت علياً (ع) يقول : كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن ، كما أنزل : اقول : وهذا إما يحدث في دولة المهدي (ع) لأنهم إنما يعلمون القرآن على أساس معانيه الواقعية ، مأخوذة من الإمام المهدي (ع ) نفسه . واما قبل ذلك فهو متعذر بطبيعة الحال . المستوى الرابع : في الإستدلال على موقف المهدي (ع) من العنصرية إننا نضم فكرتين اثنتين واضحتين ، تنتجان نتيجة واضحة . الفكرة الأولى :إن الإمام المهدي (ع) يسير بسيرة النبي (ص) ويطبق منهجه على المجتمع والحياة. وهو ما سبق أن أقمنا عليه الدليل . الفكرة الثانية : إن سيرة النبي (ص) في أصحابه ومجتمعه ، كانت بالضرورة على نفي العنصرية وشجبها بكل أشكالها ، وإعلان عقيدة الإسلام ونظامه عاماً عالمياً لكل الناس .وقد جمع في اصحابه بين عبيد المجتمع وأحراره وبين عربه وعجمه وبين مختلف القبائل، وراسل ملوك العالم في عصره دعوهم إلى الإسلام ، وكلهم لم يكونوا عرباً .وإن أشهر أصحابه من غير العرب سلمان الفارسي وبلال وصهيب الحبشيان ...وهناك الكثير وغيرهم . وأود بهذه المناسبة أن أروي ما أخرجه الترمذي (1) عن أبي هريرة ، قال : كنا عند رسول الله (ص) حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها .فلما بلغ (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم)(2) قال له رجل : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا .فلم يكلمه .قال : وسلمان الفارسي فينا . قال: فوضع رسول الله (ص) يده على سلمان ، فقال:والذي نفسي بيده ، لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجل من هؤلاء . قال الترمذي : هذا حديث حسن . وقد روى من غير وجه عن النبي (ص) .
(1) انظر الجامع الصحيح: ج5 ص383. (2) الجمعة : 62/ 3.
|
||||
|
|||||