|
|||||
|
روى السيوطي في العرف الوردي(1) بسنده عن محمد بن سيرين أنه ذكر فتنة تكون. فقال: إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس بخير من أبي بكر وعمر . قيل : أفيأتي خير من أبي بكر وعمر. قيل أفيأتي خير من أبي بكر وعمر ؟! قال : قد كان يفضل على بعض . قال السيوطي: قلت : في هذا ما فيه . وقال ابن أبي شيبة في المصنف في باب المهدي : حدثنا أبو أسامة عن عوف بن محمد – هو ابن سيرن - قال : يكون علي هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر. قال السيوطي : قلت هذا اسناد صحيح ، وهذا اللفظ أخف من الأول ... إلى آخر كلامه. وظاهر اللفظ أنه خبر عن ابن سيرين نفسه لا عن النبي (ص) . إذاً فابن سيرين يرى عدم أفضلية الشيخين على المهدي .ووافقه البرزنجي في الإشاعة ، حيث قال بعد نقل مل ذكره السيوطي(2) :وتقدم عن الشيخ في الفتوحات أنه معصوم في حكمه مقتف أثر النبي(ص) لا يخطىء أبداً ، ولا شك أن هذا لم يكن في الشيخين وأن الأمور التسعة التي مرت لم تجتمع كلها في إمام من أئمة الدين قبله. فمن هذه الجهات يجوز تفضيله عليهما. وإن كان لهما فضل الصحبة ومشاهدة الوحي والسابقة ، وغير ذلك .والله اعلم . قال الشيخ علي القاري في المشرب الوردي في مذهب المهدي ومما يدل على أفضليته : أن النبي (ص) سماه خليفة الله ، وأبو بكر لا قال له إلا خليفة رسول الله .انتهى كلام البرزنجي . وإذا تم ذلك ، فمن البعيد جداً، إن لم يكن من القبيح عقلاً واتباع الأفضل للمفضول ومسايرته في فهمه واتجاهه ... مع أن سر فضله كامن في الأطلاع على الحقائق والإتساع في النظر والعمل بشكل غير موجود لدى المفضول . إذاً ، فكل واحد من هذه القرائن ، يبرهن على أن مذهب الإمام المهدي (ع) من حيث الأصول الرئيسية ، هو المذهب الإمامي الإثنا عشري ، بحسب الأدلة التي ينبغي أن يعترف بها سائر المسلمين .
صفحة (78) (1) أنظر الحاوي للفتاوي ج2 ص 153. (2) أنظر الإشاعة في اشراط الساعة ص 113.
وأما عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، فهذا من الضروريات القطعيات ، التي لا يمكن أن يرقى إليها الشك. وتدل عليه أعداد غفيرة من أخبارهم في المهدي ، مما لا حاجة إلى الإفاضة فيه . يكفي في ذلك أن نعرف أنهم يرون أن المهدي إمامهم الثاني عشر ، وأنهم يرون وجوب طاعته ولزوم انتظاره . وفي أخبار المصادر العامة ما يدل على ذلك ، وقد سمعنا قبل قليل بعضها وفيها تعبير الأئمة المعصومين عنه (ع) بقائمنا ومهدينا ونحو ذلك فليرجع القارىء إليها . الجهة الثالثة : موقف الإمام المهدي (ع) من العنصرية وأمثالها . وهي عدة مفاهيم ذات مدلول أناني ضيق يتضمن تفضيل عنصر على عنصر من البشر على أساس الدم أو اللغة أو اللون أو الوطن أو القبيلة أو نحو ذلك . ولنصطلح عليها جميعاً بالعنصرية ، من أجل تخفيف التعبير . والرأي الذي لا بد من الجزم به ، باعتبار الأدلة الآتية ، هو أن موقف الإمام المهدي (ع) من العنصرية دائماً موقف سلبي ومعارض ...بل دعوته ودولته عالمية تصل إلى كل البشر على حد سواء بدون تفضيل لجماعة على أخرى . ويمكن إقامة الدليل على ذلك على عدة مستويات : المستوى الأول: أن دعوة المهدي (ع) قائمة على ألإسلام ، كما برهنا فإنه إنما يطبق الإسلام على وجه الأرض ، ويرفض أي عنصرغريب عنه أو أجنبي . ونحن نعرف أن الإسلام نص بكل صراحة على إلغاء العنصرية ، بمثل قوله تعالى : " يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله اتقاكم .إن الله عليم خبير"(1) .وقول النبي (ص) المشهور عنه : " لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" والإسلام دين الناس أجمعين وليس خاصاً بأحد ، قال الله تعالى : " قل: يا أيها الناس أني رسول الله إليكم جميعاً "(2) .
(1) الحجرات : 49/ 13. (2) الأعراف : 7/ 158. |
||||
|
|||||