وقد لا يكون هذا ضائراً ، فإن التعرف الإجمالي على مذهبه ، بالشكل الذي قلناه ، كاف على المستوى الذي يقنع سائر المسلمين . ويكون البحث فيه إسلامياً عاماً غير طائفي . ويكون المهدي (ع) – في ذاته – مختاراً في تطبيق المذهب الذي يريده على العالم .

الفكرة الثانية : وهي اخص من سابفتها ، فإنه يمكن القول : بأن المهدي (ع) على المذهب الإمامي الإثني عشري . وذلك باعتبار القرائن والمراجحات التالية :

المرجح الأول : ما ورد أن المهدي (ع) من أهل البيت ومن العترة وقد سمعنا عدداً من هذه الأخبار فيما سبق .ومنها ما هو موجود في الصحاح الستة ،  التي سنقتصر على النقل عنها :

أخرج أبو داود(1) وابن ماجة (2) عن أم سلمة ، قالت : سمعت رسول الله (ص) قول إن المهدي من عترتي من ولد فاطمة .

وأخرج أبو داود أيضاً(3) قوله (ص) : لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي ... الحديث .

وأخرج ابن ماجة (4) قوله (ص) : المهدي منا أهل البيت ... الحديث.

وأخرج الترمذي (5) قوله (ص) لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي .

إلى غير ذلك من الأخبار .

وإن أخص موارد انطباق مفهومي العترة وأهل البيت هم : بنت النبي (ص) الزهراء وزوجها وولداها ، وقد يشمل سلمان الفارسي رضوان الله عليه الذي ورد في شأنه قول النبي (ص) : سلمان منا أهل البيت(6) . فليكن الإمام المهدي (ع) على مذهبهم . وليس هو غامضاً ولا مجملاً في التاريخ .

·     

صفحة (71)
ــــــــــــــــــ

(1) انظر السنن ج 2 ص 422.  (2) انظر السنن ج2 ص 1368.

(3) انظر السنن ج2 ص 422.   (4) انظر السنن ج2 ص 1367.

(5) انظر الجامع الصحيح ج 3 ص 343 . (6) انظر اسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الاثير 2 ص331 . ذكر من رواية .

/*

المرجح الثاني : ما ورد من الأخبار في مصادر العامة من أن الأئمة اثنا عشر بعد النبي (ص)... أما بالنص على أن المهدي (ع) هو آخرهم أو بدون ذلك . فإنها تنطبق على الإتجاه الإمامي في فهم الإسلام بالتعيين ، دون غيره ، ومعه ، يتعين الإلتزام بأن مذهب المهدي (ع) موافق لهذا الإتجاه .

أخرج البخاري(1) عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت النبي (ص) يقول : يكون اثنا عشر أميراً . فقال كلمة لم أسمعها .فقال أبي : إنه قال : كلهم من قريش .وأخرج مسلم (2) نحوه .وذكر  له أسناد عديدة إلى جابر بن سمرة.

وأخرج الترمذي (3) عن جابر بن سمرة ، قال : قال رسول الله (ص) : يكون من بعدي اثنا عشر أميراً .قال : ثم تكلم بشيء لم أفهمه .فسألت الذي يليني ، فقال : كلهم من قريش . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن ، وقد روى من غير وجه عن جابر بن سمرة .

وأما ما رواه أحمد وغيره في خارج الصحاح .فكثير.

وإذا تعين صحة الإتجاه الإمامي ، بهذه الأخبار ، ثبت كون المهدي هو الثاني عشر من هؤلاء الأمراء الذين يشير اليهم النبي (ص) .وهو المطلوب .

كالذي أخرجه القندوزي في ينابيع المودة (4) نقلاً عن فرائد السمطين للحمويني بسنده عن مجاهد عن ابن عباس ، قال : قدم يهودي يقال له : نعثل فقال :يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين ... إلى أن يقول : فما من نبي إلا وله وصي ، وأن نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع بن نون ، فقال : إن وصيي علي بن أبي طالب ، وبعده سبطاي الحسن والحسين ، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين . قال :يا محمد قسمهم لي : قال : إذا  مضى الحسين فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمد ، فإذا مضى محمد فإبنه جعفر . فإذا مضى جعفر فإبنه موسى ، فإذا مضى  موسى فإبنه علي ، فإذا مضى علي فإبنه محمد ، فإذا مضى محمد فإبنه علي ، فإذا مضى علي فإبنه  الحسن ، فإذا مضى الحسن فإبنه الحجة محمد المهدي .

فهؤلاء اثنا عشر .


صفحة (72)

ــــــــــــــــــ

(1) انظر الجامع الصحيح ج 9 ص 101.  (2) انظر صحيح مسلم ج 6 ص 3-4 .

(3) انظر الجامع الصحيح ج3 ص 240 .  (4) انظر ص 529 ط النجف . وص 369 ط الهند عام 1311 هـ .