الباب السادس

في انتهاء حياة الامام المهدي (ع)

وهو باب متكون من فصل واحد ،

نتكلم خلاله في عدة جهات :


الجهة الأولى: إن النتائج التي عرفناها فيما يخص المقام ، تتلخص في عدة امور:

الأمر الأول :إن مدة بقاء المهدي (ع) بعد ظهوره ، ستكون محدودة ، قد لا تزيدعلى العشر سنوات ، كما سبق أن رجحناه.

الأمر الثاني : إن المهدي (ع) سيمارس الحكم من حين سيطرته على العالم إلى وفاته ،ومن ثم يكون تحديد عمره حين الظهور ، تحديد لمدة حكمه.

الأمر الثالث: إن المهمة التي يتكفلها المهدي (ع) في دولته ،بعد  التجاوز عن الأمور الإدارية ، هي وضع الأسس  العامة لتربية  البشرية من خلال الأطروحة العادلة الكاملة باتجاه المجتمع المعصوم .

الأمر الرابع: إن نظام المهدي (ع) سيبقى بعد وفاته ، وستستمر دولته إلى نهاية البشرية أو قريباً من النهاية وسنوضح هذه الجهة في القسم الآتي من الكتاب .

ومن هنا لن تكون الآن هذه الأمور مورداً للبحث ،وإنما نتكلم عن أسلوب وكيفية موت الإمام المهدي (ع) إذا شاء الله عز وجل أن يلحقه بالرفيق الأعلى.

الجهة الثانية : في الأخبار التي تنفع بهذا الصدد .

أخرج أبو داود (1) بسنده عن أم سلمة في حديث يقول فيه (ص)عن المهدي (ع) :

فيلبث سبع سنين ، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون .


صفحة (615)
ـــــــــــــــــ  
 

(1) سنن أبي داود ج2 ص

 

وأخرج ابن طاووس في الملاحم والفتن(1) عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول الله (ص) :

أبشركم بالمهدي ... إلى أن قال: فيكون ذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين .ثم لا خير في العيش بعده أو قال : لا خير في الحياة بعده.

وأخرج الأربلي(2) عن أربعين الأصفهاني بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله  (ص) :

لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لطول الله تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي ...إلى أن قال : فيملك سبعاً أو تسعاً ، لا خير في عيش الحياة بعد المهدي.

وقال في البحار(3) : على ما ورد عنهم صلوات الله عليهم فيما تقدم من .

أن الحسين بن علي (ع) هو الذي يغسل المهدي (ع) ويحكم في الدنيا ما شاء الله.

وقال في إلزام الناصب(4) ملخص الإعتقاد في الغيبة والظهور ورجعة الأئمة لبعض العلماء : ويقول فيما يقول:

فإذا تمت السبعون سنة أتى الحجة الموت فتقتله امرأة من من بني تميم اسمها سعيدة .ولها لحية كلحية رجل بجاون صخر من فوق سطح ، وهو متجاوز في الطريق .فإذا مات تولى تجهيزه الحسين (ع) ... الخ.

الجهة الثالثة : إن التبادر الأولي في الذهن الإعتيادي ،هو أن يموت المهدي (ع) حتف أنفه كما يموت سائر الناس ، غير أنه في الإمكان الإلتفات إلى عدة وجوه مقربة لإثبات قتله.


صفحة (616)
ـــــــــــــــــ  
 

(1) ص 135.       (2) ج3ص264.

(3) ج13 ص229. (4) ص190.

 

الوجه الأول : الخبر المرسل عن الإمام الصادق (ع):

ما منا إلا مقتول أو شهيد(1).

والمراد به أن الأئمة المعصومين (ع) لابد أن يخرجوا من الدنيا بحادث تخريبي خارجي ،ولن يموت واحد منهم حتف أنفه ، بمن فيهم الإمام المهدي نفسه بحسب الفهم الإمامي.

إلا أن هذا الخبر قاصرعن الإثبات التاريخي ، باعتباره خبراً مرسلاً لم تذكر له المصادر سنداً .

الوجه الثاني : ما أشرنا إليه في تاريخ الغيبة الصغرى(2) من الفكرة التقليدية القائلة بأن النبي (ص) والائمة(ع) قد خلقت بنينهم الجسدية قوية كاملة ، لا تكون قابلة للموت والتلف إلا بعارض خارجي ، فلو لم يحدث شيء على المعصوم، لكان قابلاً للبقاء إلى الأبد .ولكن طبقاً للقانون العام للموت الذي أعربت عنه الآية :

" كل نفس ذائقة الموت".

لا بد أن يطرأ عارض خارجي كالقتل ونحوه على كل معصوم لكي يكون هو السبب في انتهاء حياته .وهذه الفكرة تشمل الإمام المهدي (ع) بطبيعة الحال .

وقد ذكرنا في تاريخ الغيبة الصغرى(3) ما يصلح أن يكون مثبتاً لهذه الفكرة وعرفنا هناك أنها غير صالحة للإثبات .فلا يكون هذا الوجه صحيحاً.

الوجه الثالث : النص الأخير الذي نقلناه مع الروايات عن إلزام الناصب ،فإنه يصرح بأن المهدي يموت مقتولاً ويذكر طريقة موته ،وسنعرض مضمونها ونناقشه في الجهات الآتية .والمهم الآن أنها هل تصلح دليلاً على إثبات هذه الفكرة بمجردها ،وهي أن المهدي (ع) يموت مقتولاً.

والصحيح أن هذا النص غير قابل للإثبات أساساً ، لأنه ليس رواية عن أحد المعصومين بلعن بعض العلماء، وهذا العالم لم نعرف اسمه .ولو كان هذا النص إشارة إلى مضامين الروايات – كما هو المضمون – فإنه يصبح رواية مرسلة ليس لها أي سند ولا يعرف الإمام المروي عنه .على أن تلك الروايات المشار إليها لا تكون – عادة – ضعيفة السند وغريبة المضامين، بشكل تسقط معه عن الإثبات التاريخي .


صفحة (617)
ـــــــــــــــــ  
 

(1) انظرأعلام الورى ص349 وتاريخ الغيبة الصغرى ص230.

(2) ص230. (3) آل عمران :185.

(4) ص232.