وأخرج ابن حجر في الصواعق(1) عن ابن ماجة والحاكم أنه (ص) قال:

لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا إلا إدباراً ولا الناس إلا شحاً ،ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ،ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم .

فهذه بعض أخبار المصادر العامة.

وأما اهم أخبار المصادر الخاصة. فقد أخرج النعماني(2) بسنده عن جابر قال:

دخل رجل على أبي جعفر الباقر(ع) فقال له: عافاك الله اقبض مني على هذه الخمسمائة درهم .فقال له أبو جعفر(ع) :

خذها انت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام  والمساكين من إخوانك من السملمين .

ثم قال: إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية... إلى أن قال: ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بانطاكية. ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور ،وبين أهل القرآن بالقرآن .... الحديث.

وفي حديث آخر(3) قال ابن سنان ، سمعت أباعبد الله (ع) يقول:

عصى موسى قضيب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرائيل (ع) لما توجه تلقاء مدين ،وهي وتابوت آدم في بحيرة طبرية ، ولن يتغيرا حتى يخرجهما القائم (ع) إذا قام.

وأخرج الأربلي في كشف الغمة(4) عن أربعين الأصفهاني والقندوزي(5) عن كتاب الفتن لنعيم بمن حماد عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه.


صفحة (594)
ـــــــــــــــــ  

(1) ص98.  (2) الغيبة ص124.

(3) غيبة النعماني ص125. (4) ص264ج3.

(5) ص539.

 

وأخرج الصدوق في إكمال الدين(1) بسنده إلى محمد بن مسلم الثقفي ،قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي يقول: القائم منا منصور بالرعب ....إلى ان قال :وينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلفه.

واخرج في البحار(2):عن أبي بكير، قال : سالت أبا الحسن (ع) عن قوله تعالى:

"وله اسلم من في السموات والارض طوعاً وكرهاً.قال :انزلت في القائم (ع) ،إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها فعرض (ع) ، فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه ، حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحده الله .. الحديث .

وأخرج أيضاً(3) في حديث سبق أن رويناه عن أبي بصيرعن أبي عبد الله (ع) يقول فيه قلت:

فما يكون من أهل الذمة عنده؟ قال: يسالمهم ،كما سالمهم رسول الله (ص) ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون ... الحديث.

الجهة الثانية : في وحدة المهدي والمسيح .

وهو احتمال نعرضه ونناقشه قبل الدخول في تفاصيل هذه الأخبار لكي نتوفر على التفاصيل، في نتيجة هذه المناقشة:

وينطلق هذا الإحتمال من أطروحة معينة وهي : أنه بعد العلم أن المنقذ العالمي لكل البشرية واحد لايتعدد ، - تكون له الزيادة الأولى إلى الإصلاح العام بشكل لا تعود بعده البشرية إلى الظلم والضياع مرة أخرى.

إن هذا المنقذ العالمي الواحد ،هو الذي سماه الإسلام بالمهدي وسماه السابقون :

اليهود والنصارى بالمسيح ،وسماه آخرون بأسماء أخرى .ومعه يتعين أن يكون المسيح والمهدي لفظين أو صفتين لشخص واحد ،هو المنقذ العالمي الواحد الموعود.


صفحة (595)
ـــــــــــــــــ  
 

(1) نسخة مخطوطة. (2) ج13 ص188.

(3) المصدر ص196.

 

وحيث كان مقابل هذه الأطروحة احتمالان رئيسيان :هما أن يكون المنقذ العالمي هو المسيح عيسى ابن مريم، او أن يكون هو المهدي الإسلامي مهما كان اسمه ، فينطلق من هذين الإحتمالين احتمالان:

الإحتمال الأول : أن يكون المنقذ العالمي هو المسيح عيسى بن مريم ،ونعبر عنه بأن المهدي هو المسيح عيسى بن مريم .

الإحتمال الثاني : ان يكون المنقذ العالمي هو المهدي الإسلامي ،ونعبر عنه أن المسيح هو المهدي الإسلامي نفسه.

ولكل من هذين الإحتمالين مثبتاته التي سنذكرها ،وأما احتمال أن يكون كلا هذين القائدين يمارسان مهمة الإنقاذ العالمي ، فهو مما تنفيه هذه الأطروحة لأنه ينافي الفكرة المؤكدة في وحدة المنقذ العالمي.


مثبتتات الإحتمال الأول:

وهو أن يكون المهدي هو المسيح عيسى بن مريم ، بمعنى أن يكون هذا النبي (ع) هو الذي يمارس الإنقاذ العالمي الموعود ،ويطبق العدل الكامل ،وقد سمي في الإسلام  بالمهدي بالمعنى المتضمن لذلك المفهوم.

ولهذا الإحتمال عدة مثبتات :

المثبت الأول : أن عيسى بن مريم أو يسوع الناصري (ع) هو المسيح بقول مطلق باعتراف الإنجيل والقرآن وفي التبادر الذهني العام لكل سامع...فإذا قلنا المسيح لم نفهم غيره.

والمسيح ليس اسماً شخصياً له وإنما لقب به باعتباره المنقذ العالمي فإن لفظ المسيح مهما كان معناه اللغوي ،لا يراد به في الإصطلاح الديني إلا ذلك. ومن هنا كان يلقب به داود(1) وشاؤل أيضاً(2) تفاؤلا بان يكونوا متخذين لتلك الصفة.

وحين جاء المسيح إلى الدنيا اتخذ هذه الصفة بشكل مطلق وبلا منازع ، وهذا واضح جداً من الإنجيل والقرآن معاً. إذاً فهو المنقذ العالمي المطلق ،باعتراف الإنجيل والقرآن معاً.


صفحة (596)
ـــــــــــــــــ  
 

(1) انظر : صموئيل الثاني : 19/ 21 و23 /1 وغيرها

(2) أنظر صموئيل الأول  : 24 / 6 و26 / /25 وغيرها.