الفصل الثامن

موقف الإمام المهدي (ع)  من أهل الكتاب

ونزول المسيح (ع) في دولته


وينبغي أن نتكلم خلاله ضمن عدة جهات :

الجهة الأولى : في سرد الأخبار المتعلقة بالمسيح وأهل الكتاب .

وهي عدد ضخم  في مصادر العامة ، يصعب أن نحمل فكرة تفصيلية عنها ، ومعه فسنقتصر في نقل الأخبار على أمرين :

احدهما نقتصر من مصادر العامة على خصوص ما نقلته الصحاح الستة من الأخبار دون غيرها ،وخاصة الصحيحان الرئيسان فيها .ونفتصر على المصادر القديمة المعتمدة من كتب الخاصة.

وثانيهما: أن نختصر الإشارة إلى قضايا الدجال وياجوج وماجوج من زاوية علاقتهما بالمسيح ،وقد ذكرتها الأخبار مفصلاً...بعد أن تكلمنا عن ذلك فيما سبق ،وإنما نقتصرعلى الأمور الأخرى المتعلقة به مما وردنا في الأخبار بيانه.

وبعد هذه التصفية ، سوف يبقى مقدار كاف من الأخبار ،ويكون المهم منها كما يلي :

أخرج البخاري(1) عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله(ص) :

كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم.

وأخرجه مسلم(2) أيضاً .وفي حديث آخر مشابه يقول :

إذا نزل ابن مريم فيكم وأمّكم .


صفحة (591)
ـــــــــــــــــ  

(1) صحيح البخاري : ج4 ص 205 . وانظرأيضاً الترمذي ج3 ص 344وابن ماجة ج2 ص1363

(2) صحيح مسلم :ج1 ص94 وكذا ما بعده.

 

وفي حديث ثالث : فأمكم منكم .

وأخرج البخاري(1) عن أبي هريرة أيضاً ، قال: قال رسول الله (ص) :

والذي نفسي بيده ، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدل، فيكسر الصليب ،ويقتل الخنزير ويضع الجزية الحرب ،ويفيض المال حتى لا يقبله أحد .حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها.

ثم يقول أبو هريرة :اقرأوا: :"وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته"(2)

ورواه مسلم أيضاً(3) عن ابي هريرة نحوه،إلى أن قال :

وليضعن الجزية ، ولتتركن القلاص فلا يسعى إليها ،ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد ،وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد.

وأخرج أيضاً(4) عن جابر بن عبد الله ، قال: سمعت النبي (ص) يقول:

لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة.

قال: فينزل عيسى بن مريم (ع) ، فيقول أميرهم :تعال صلّ بنا! ‍فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة .

وأخرج أيضاً(5) في حديث طويل ذكر فيه الدجال وعدداً من تفاصيله .ثم قال : ...


صفحة (592)
ـــــــــــــــــ  

(1) صحيح البخاري :ج4 ص205.  (2) النساء :159.

(3) صحيح مسلم : ج1 ص93-94. (4) المصدر ص94.

(5) المصدر ص95.  (6) المصدر ج8 ص197.

 

فبينما هو كذلك ، إذ بعث الله المسيح بن مريم،فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين .إذا طأطأ رأسه قطر ،وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ،فلا يحل لكافر يجد منه ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ،فيطلبه – يعني طلب الدجال – حتى يدركه بباب لدّ فيقتله.

ثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه ، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ، فبينما هو كذلك ، إذ أوحى الله إلى عيسى :إني قد أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم ... الحديث ،

حيث يذكر خروج يأجوج وماجوج.

وأخرج أبو داود(1) عن أبي هريرة : ان النبي (ع) قال:

ليس بيني وبينه – يعني عيسى (ع) – نبي ،وأمه نازل .فإذا رأيتموه فاعرفوه .رجل مربوع إلى الحمرة والبياض  بين ممصرتين ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل . فيقاتل الناس على الإسلام .فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ،ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ،ويهلك المسيح الدجال ، فيمكث في الأرض أربعين سنة .ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون.

ونحوه بألفاظ مقاربة في صحيح الترمذي(2) ونحوه في سنن ابن ماجة(3).

وهناك حديثان آخران تركتهما الصحاح ، يحسن إدراجهما لنصل إلى الرأي الصحيح فيهما :

أخرج السيوطي في الحاوي(4) عن ابي نعيم عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله (ص) :

لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى في آخرها والمهدي في وسطها.


صفحة (593)
ـــــــــــــــــ  

(1) السنن ج2 ص432. (2) ج3 ص348.

(3) ج2 ص1357.      (4) ج2 ص134.