|
||
|
الثاني : منع الطواف المستحب مع وجود كثرة الطائفين طوافاً واجباً .وهذا ما دل عليه الخبر الذي رويناه في الجهة الأولى من هذه الخاتمة "أن يسلم صاحب النافلة" يعني الطواف المستحب (لصاحب الفريضة) يعني الطواف الواجب (الحجرالأسود) يعني استلام الحجر وهو عمل مستحب (والطواف) فتعطى القدمة لصاحب الفريضة ، وبذلك يقل عدد الطائفين بالبيت إلى حد كبير. الجهة الخامسة : ذكرت الأخبار بعض الإنجازات الأخرى للمهدي في دولته ، نذكر أهمها باختصار : الأمر الأول : أنه يمنع المساجد المصورة ، أو بتعبير آخر : أنه يمنع تصوير المساجد وزخرفتها ، كما- يمنع – كما سمعنا أيضاً- ارتفاع بنيانها .ويهدم منها ما كان مرتفعاً ،ويهدم كل مسجد أسس على غير تقوى. الأمر الثاني :أنه يرجم الزاني المحصن ويقتل مانع الزكاة ،وهذه احكام إسلامية نافذة المفعول منذ صدور الإسلام ، إلا أنها لن تكون مطبقة قبل عصر الظهور، فهو أول من يقوم بهما بعد عصر رسول الله (ص). وهذه المعاصي قد تحدث في أول عصر الدولة العالمية ، قبل رسوخ الإيمان في نفوس البشر أجمعين. الأمر الثالث: أنه يجب في العصر الحاضر أداء الأمانة إلى البر والفاجر ،من مختلف المذاهب والأديان ،ويجب ألا يحدو بالفرد إذا رأى من الآخر إنحرافاً أو كفراً أن يأكل عليه أمانته. وأما إذا ظهرالإمام واستتبت دولته ، فإنه قد يتصرف في هذا الحكم المطلق (فيحل ويحرم) كما نطق الخبر فيمنع عن أداء الأمانة لغير المؤمن .فإنه بينما كان اداء الأمانة دالاً على عدالة الأمين واستقامته ،قبل الظهور .فإن عدم أدائها بعد الظهور ،سيكون من اهم الخطوات لمحاربة الكفر والإنحراف واجتثاثه .وليس على الأمين من ضير بعد ان أمره التشريع المهدوي بحبس الأمانة. الأمر الرابع: أن الأخبار العديدة تصف إتساع الكوفة وعمرانها بشكل منقطع النظير، وسيصبح المتر من أراضيها غالي الثمن ومهماً جداً ،ولا غرو بعد أن تصبح هي العاصمة العالمية للدولة المهدوية.
صفحة (580) وسيتخذ المهدي – كما يظهر من الأخبار – من مساجدها منطلقات للحكم والإرادة. فجامع الكوفة مجلس حكمه.وهو ما يقابل قصر الرئاسة أو البلاط ، بلغة العصر الحاضر ، ومسجد السهلة بيت المال ،وهو ما يقابل وزارة المالية في الدولة المعاصرة ،وأما موضع عبادته وخلواته مع الله عز وجل فهو الذكوات البيض (بين الغريين) وهو النجف الأشرف موضع قبر جده أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ،ولم يكن عصر صدور هذه الأخبار مناسباً للدول في االتفاصيل الإدارية أكثرمن ذلك. وليس اتخاذ المهدي المساجد مركزاً للإدارة أمراً غريباً ، فإن فكرة المساجد في الإسلام أسست على ذلك ، فإن المساجد ليست ببنيانها وجمال شكلها ،فإن هذه مما عليه سيشطب عليه المهدي (ع) ...وإنما هي بما تؤديه للإسلام والمجتمع العادل من خدمات ومنافع ، وهل هناك أعظم منفعة من إدارة الدولة العالمية العادلة ، إنها دولة أرادها الله ، فينبغي أن تدار من بيوت الله. هذا ، وقد تعرضت هذه الأخبار إلى وضع المهدي (ع) الجزية على أهل الكتاب ، وهذا ما سنسمعه تفصيلاً في الفصل الآتي بتوفيق الله عز وجل. في المنجزات العلمية – بالمصطلح الحديث – لدولة المهدي (ع) . وهذا مما لا يمكن فهمه بالصراحة من الأخبار ، باعتبار ضرورة موافقة ظواهر الكلام مع المجتمع الذي يصدر فيه ،وحيث لم يكن في ذلك المجتمع الأول أثر للصناعات والآلآت الحديثة ، لم يكن من الممكن أن يرد في الأخبار ذكر واضح لها ،أو أن تتوقع منها التصريح باسمها وصفتها. وإنما كل ما يمكن تصيده من الأخبار ، بعض العبارات الرمزية المتفرقة التي ترمز إلى وجود الأجهزة الحديثة في دولة المهدي (ع) . بل هناك من الأخبار ما يدل على وجودها قبل الظهور أيضاً في عصر الظلم والإنحراف. وهذا هو الذي نعرفه الآن بالوجدان من الوضع الصناعي لعصورنا الحاضرة. ولأجل استيعاب ما دلت عليه الأخبار في هذا الصدد ، نود ان نتحدث عن كلا العصرين : عصر ما قبل الظهور وعصر ما بعده ، ولذلك نتكلم في جهتين.
صفحة (581)
الجهة
الأولى : مادلت عليه الأخبار من وجود الصناعات والأجهزة الحديثة في عصر ما قبل
الظهور: " ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ،وهو جبل بيت المقدس فيقولون : لقد قتلنا أهل الأرض ، هلم فلنقتل من في السماء ، فيرمون بنشابهم إلى السماء ، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً. وأخرج أبن ماجة(2) حديثاً طويلاً يتحدث خلاله عن يأجوج ومأجوج ويذكر أنهم يقولون: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم ،ولننازلن أهل السماء ، حتى إن أحدهم ليهز حربته إلى السماء ، فترجع مخضبة بالدم .فيقولون :قد قتلنا أهل السماء ،أو يقولون ـ بلفظ الحاكم(3) ـ قهرنا أهل الأرض وغلبنا من السماء قوة وعلواً . وأخرج الصدوق في إكمال الدين(4) بإسناده عن النزال بن سبرة قال: خطبنا على بن ابي طالب (ع) فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ،وصلى على محمد وآله ، ثم قال : سلوني أيها الناس قبل ان تفقدوني ثلاثاً ، فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال أنه(يخوض البحار وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض يرى الناس انه طعام ، يخرج في قحط شديد تحته جمار أقمر خطو حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلاً منهلاً ... ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين ... يقول : إلي أوليائي ..أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى أنا ربكم الأعلى ... ثم يذكر دابة الأرض ، ويقول عنها : ثم ترفع الدابة رأسها فيراها ما بين الخافقين ... الحديث .
(1) ج8 ص199. (2) السنن ص1364. (3) المستدرك ج4 ص488. (4) انظرإكمال الدين (نسخة مخطوطة) .
|
|