ول
ا ينبغي للقارىء أن ينسى فهمنا ليأجوج وماجوج والدجال ،فإنهما بوجودهما المعاصر، وجهان للحضارة المادية الحديثة ، وإما إعطاء الفهم المتكامل لدابة الأرض ، فهو ما سيأتي في الباب الأخير من هذا التاريخ.

وقد أوضحنا بجلاء خلال حديثنا عن ياجوج وماجوج ، أن المراد من السهام التي يرمونها إلى السماء الصواريخ الكونية ، وإنما كررنا الرواية لتلتحق هنا بنظائرها من هذه الناحية.

وأما الصفات المعطاة للدجال ، فهي بعد البرهنة على استحالة صدور المعجزة من المبطلين ، يتعين حملهاعلى المعاني الطبيعية المناسبة .

فهو يخوض البحار وهذا ما حدث فعلاً ، فقد خاضت المدنية الحديثة في أعماق البحار ، وسيرت البواخر على سطحه بكثرة مسرفة.

"وتسير معه الشمس" في الأغلب أن هذا تعبير عن السلاح الذي يرهب الدجال به العالم ،وهو القنبلة الذرية أو الهيدروجينية ومن حيث ان حرارتها عالية جداً  كالشمس.

و"بين يديه جبل من دخان" وما أكثرالدخان في المدنية الحديثة ، في الحرب والسلم معاً ، كما هو واضح، وكله يبدو في مصلحة هذه المدنية .

 و"خلفه جبل ابيض يرى الناس أنه طعام" أنه بهارج هذه المدنية وملذاتها ، يرى الناس أنها جميلة وعظيمة، وليس ورائها في الواقع إلا الإنحلال والدمار.

و" تحته حمار أقمر خطو حماره ميل" وهذا تعبير جميل عن الشعارات والمفاهيم التي استطاعت المدنية والحضارة الحديثتان ،أن تسير بهما في العالم وهي شعارات واسعة الإنتشار سريعة السير.

والدجال "تطوى له منهلاً منهلاً" وذلك عن طريق وسائل النقل الحديثة الأرضية والجوية على حد سواء، فإن طي الأرض يتضمن معنى سرعة السير، وبعد نفي احتمال المعجزة  تتعين صحة هذا الفهم.

" ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين" ليس لأن صوته مرتفع إلى هذا الحد !!

بل لأنه يستعمل أجهزة الإعلام الحديثة بما فيها النجوم الإذاعية "التلستار".

وأما دابة الأرض . فهي " ترفع رأسها فيراها ما بين الخافقين"  عن  طريق البث التلفزيوني بطبيعة الحال .

 

صفحة (583)
 

ولا ينبغي هنا أن نغفل ما قلناه سابقاً من وجود التنبؤ في الأخبار بالنقل الجوي في عصر ما قبل الظهور ، حيث سمعنا عن كيفية تجمع أصحاب الإمام المهدي(ع) عند ظهوره ،وكان منهم من "يسير في السحاب نهاراً "، وهو تعبيرعن الطائرات ، كما سبق أن برهنا.

فهذا هو ما يحدث في عصر ما قبل الظهور ،وهو بطبيعة الحال ، سوف يبقى مستمراً إلى ما بعد الظهور ، حتى لو حدثت حرب عالمية ، كما سبق أن اوضحنا ، فإنها إنما تقضي على المراكز العسكرية والعواصم المهمة في العالم ،وأما الصناعات الحديثة وعدد من خبرائها فلا موجب لإستئصالها.

وسيكون ذلك نواة صالحة للتشجيع من قبل الدولة المهدوية، على البلوغ بالصناعات الحديثة إلى مراتب أعلى، اسمى وأدق . وجعل هذه الصناعات مواكبة مع الأهداف العليا المتبناة من قبل الدولة وقائدها.

الجهة الثانية : فيما دلت عليه الأخبار من وجود الأجهزة والصناعات الحديثة في عصر ما بعد الظهور.

روى االصافي في منتخب الأثر(1) عن أبي الربيع الشامي ، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:

إن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يرون (لا يكون) بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه.

وروى الصافي أيضاً(2) والمجلسي في البحار عن ابن مسكان، قال: سمعت أبا عبدالله يقول:

إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق.


صفحة (584)
ـــــــــــــــــ

(1) ص483.   (2) نفس الصفحة.

(3) ج13 ص200

 

وأخرج النعماني في الغيبة(1) عن إبان عن ابي عبد الله (ع) في حديث أنه قال:

ويبعث الله الريح من كل واد تقول: هذا المهدي يحكم بحكم داود ... الحديث. وقد سبق أن رويناه .

وأخرج في البحار(2) عن جابر بن أبي جعفر (ع) في حديث عن المهدي (ع) أنه قال:

إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر خفي حتى أنه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنب فيقتله ، حتى ان احدهم يتكلم في بيته ، فيخاف ان يشهد عليه الجدار.

وأخرج أيضاً(3) عن أبي عبد الله(ع) أنه قال:

كأنني بالقائم على ظهر النجف ...إلى أن قال : ثم يركب فرساً له أبلق بين عينيه شمراخ ينتفض به ، لا يبقى اهل بلد إلا أتاهم نور ذلك الشمراخ حتى يكون آية له... الحديث.

وأخرج النعماني في الغيبة(4) عن أبان بن تغلب عن أبي عبدالله (ع) في حديث عن القائم يقول فيه :

ويركب فرساً له أدهم أبلق بين عينيه شمراخ ، فينتفض فيه انتفاضة ،لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون أنه معهم في بلدهم... الحديث

وأما أخبار طي الأرض للمهدي فهي عديدة نذكر منها:

أخرج الصدوق في إكمال الدين(5) عن محمد بن مسلم الثقفي ، قال : سمعت أبا جعفر بن محمد بن علي الباقر (ع) يقول: القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر ، تطوى له الأرض .. الحديث


صفحة (585)
ـــــــــــــــــ

(1) ص169.  
(2) ج13 ص200.

(3) المجلد والصفحة.  (4) ص166.

(5) انظر المخطوط.