وأما التفاصيل التني تنطق بها هذه الروايات ، فلا يكاد يثبت شيء منها ،لأن كل واحد من الروايات غير ثابتة الصحة ،
ولها مضامين غير ثابتة أيضاً ،  فلا حاجة إلى الدخول في تفاصيلها .

نعم، الرواية الدالة على ان ثلاثة عشرة فئة تحارب المهدي (ع) تدل – بغض النظر عن التفاصيل – على امرين:

الأمر الأول :إن ما يوجهه المهدي (ع) من الحروب خاصة في منطقة الشرق الإسلامي خاصة .

الأمر الثاني : إن تلك الحروب محدودة  بثلاث عشر وقعة ، أو نحوها ، إن لم يكن هذا الرقم للتحديد. وليست من الكثرة التي يتصورها في الفتح العالمي العام .

وكلا هذين الأمرين مما دلت الروايات الأخرى على صحته ، فتكون هذه  الرواية مؤكدة لمضمونه ايضاً.

العواطف الإيجابية :

أخرج ابن ماجة(1) عن أبي سعيد الخدري :أن النبي (ص) قال:

يكون  في امتي المهدي ... فتنعم فيه امتي نعمة لم ينعمه مثلها قط .

وأخرج ابن حجر(2) عن الروياني والطبراني – في حديث – قال :

يرضى بخلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الجو .

وأخرج الحاكم(3) بإسناده عن ابي سعيد الخدري قال : قال النبي (ص):  في حديث-:

يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.... تتمنى الأحياء والأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره ،هذا حديث صحيح الإسناد ،ولم يخرجاه .


 
صفحة (428)
ـــــــــــــــــ

(1) السنن : ج2 ص1366

(2) ص98

(3) ج4 ص465

 

وأخرج النعماني(1) عن أم هانىء عن أبي جعفر محمد علي الباقر(ع) – في حديث – قال :

فإن ادركت ذلك الزمان قرت عيناك .

وأخرج بهذا المعنى حديثين آخرين(2) وبمؤاده حديث أخرجه الكليني في الكافي(3) .

وأخرج الشيخ في الغيبة(4) ، قال: قال رسول الله (ص) :

أبشركم بالمهدي ....إلى أن قال : يرضى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض .

وفي حديث آخر(5) عن أبي وائل عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال :

ـ في حديث ـ يفرح لخروجه أهل السماء وسكانها ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

إلى غير ذلك من الرويات.

والمراد بساكن السماء أحد أمرين :

الأمر الأول : سكنة الجو ، وهم الطيور .ومعنى رضاهم بما ينالهم من لذيذ الطعام وهنيء الماء في عصره، باعتبار عموم عدله ورفاهه.

إلا أن هذا المعنى تنافيه رواية واحدة مما سبق ، وهو قوله: يرضى بخلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الجو . فإن مقتضى التعاطف هو التغير بين أهل السماء وبين الطير. فلا يمكن أن يكون أحدهما هو الآخر.

الأمر كالملائكة ، وهو سكنة السماء بحسب ظاهر الأدلة الواردة في الإسلام بل وفي غيره من الأديان الكبرى

فهم يفرحون ليوم تطبيق العدل الكامل على الأرض ، ويرضون عن قائده العظيم ... وقد عرفنا موقفهم تجاه المهدي (ع) من التأييد والنصرة ، بشكل واسع النطاق ... فيكون رضاهم عنه أمراً طبيعياً واضحاً ،  ومنطلقاً

عن رضاء الله عزوجل .


 
صفحة (429)
ـــــــــــــــــ

(1) ص75. 
(2) نفس الصفحة.

(3) نسخة مخطوطة. (4) ص111.

(5) ص116.

 

وقد يخطر في البال :إن ظاهر هذه الروايات كون الرضا المذكور فيها ناتجاً من قبل الفرد باعتبار استفادته وانتفاعه من حكم المهدي العادل ، وأما إذا لم يكن الفرد منتفعاً به ، فهو لا يكون مشمولاً لهذه لروايات .ومن الواضح أن الملائكة لا يمكن أن يكونوا مستفيدين بالمباشرة من العدل الأرضي  .

وجواب ذلك : أنه من ضيق النظر افتراض أن الفرد لايفرح بشيء إلا إذا استفاد منه فائدة مباشرة . بل قد يفرح الفرد للخير الذي نال اسرته أو أصدقائه او مجتمعه او مجتمعاً يحبه ،وإن لم ينل منه شيئاً أصلاً.

ومعه ، فالملائكة يفرحون بنفوذ إرادة الله وتطبيق هدفه ،على أنه لادليل على عدم انتفاع الملائكة بشكل مباشر في دولة العدل الكامل ، فإن تأييدهم لها ولقائدها واعمالهم في مصلحتها ،كمال لهم لا محالة .

فهذه هي العواطف الإيجابية الخيرة التي ينالها المهدي (ع) ونظامه ،عند تطبيق العدل الكامل ، بعد أن تكون العواطف السلبية قد انتفت تماماً خلال الفتح العالمي.

 

 صفحة (430)