|
||
|
التشويه الثالث: أن النظام المهدوي بصفته ذات أيدولوجية معينة ، سوف يمنع عن حرية الإعتقاد والتعبيرعن الرأي ، لغير الملتزمين بالأيدولوجية المهدوية الرسمية . التشويه الرابع : أن الفكرة المهدوية بصفتها ذات اتجاه ديني ، فهي تمنع عن الإستفادة من التطور المدني والتكتيكي الحديث ، لأن الإتجاه الديني عموماً يمنع من ذلك . ونحو ذلك من التشويهات ... والتشويه الأخير كاذب تماماً، لأن الإتجاه الديني عموماً يحبذ استعمال نتائج التطور المدني ،لا أنه يمنع عنه. وقد كان ولا زال المتدينون عموماً يستعملون هذه النتائج . بدون أن يروا أي تناف بين إتجاههم الديني وهذا الإستعمال ،او أن يعتقدوا أي تحريم ديني لذلك . وسنسمع في فصل آت ، المثيتات التاريخية الكافية ، لإستعمال المهدي (ع) نفسه لنتائج التطور المدني على أوسع نطاق في دولته ،مما يدل على مباركته لها وعدم ميله إلى المنع عنها . وأما التشويهات الثلاثة الأولى ، فلها أصولها الصحيحة ،وإنما التشويه كامن في المبالغة منها وإساءة الظن بنتائجها . ويكفينا الإلتفات إلى أمرين أساسين لدفع جانب التشويه في هذه الأمور الثلاثة : الأمر الأول: أنه بعد البرهنة على أن النظام المهدوي نظام عادل كامل ، انه يمثل الغرض الأساسي لخلق البشرية عموماً في الحكمة الإلهية ،كما سبق أن برهنا .وسيأتي في الكتاب الآتي من هذه الموسوعة مزيد من البرهان ،والإيضاح لهذه الفكرة ،وأنه لا يمكن أن يتضمن هذا النظام أي ظلم أو حيف فردي أو اجتماعي من أي جهة من الجهات . إذن ، فكل ما يتضمنه هذا النظام من فقرات ،من مفاهيم وقوانين ونظم هي ـ لا محالة ـ مطابقة للعدل الكامل الذي لا محيص للبشرية عنه وبالتالي لا يمكن للبشرية أن تعيش السعادة والرفاه والكمال تحت أي نظام أخر غيره. فالمبالغة في تلك الأفكار أو إساءة الظن بنتائجها ، مما لا معنى له ، بعد أن كانت مطابقة للعدل ،وإذا كان في التطرف بتطبيقها شيء من السوء أو الظلم فإنه سيقتصر منها في مجال التطبيق ، على ما هو أوفق بالعدل ، وأقرب إلى المصلحة لا محالة.
صفحة (425) الأمر الثاني : أنه بينما تسنح الفرصة للمرجفين والمشوهين ، للنشاط في الأيام الأولى من الظهور ، فإن هذه الفرصة لن تسنح لهم مرة أخرى ، بل سيقوم السيف باستئصالهم تمام، وسوف لن يبقى في العالم إلا المؤمنين بصدق المهدي (ع) وعدالة دعوته . ولا ينبغي أن يتوجه العتب إلى السيف المهدوي بكثرة القتل من حيث كونه مسؤولاً عن تطبيق العدل الذي يتوقف على هذه الكثرة كما عرفنا .بل ينبغي أن يتوجه العتب إلى الأفراد المنحرفين أنفسهم ، في انهم أصبحوا بسوء تصرفهم وممارستهم أشكالاً من الظلم ، بشكل يتنافى وجودهم بكل أقوالهم وأفعالهم مع المجتمع الفاضل والنظام العادل ، فاستحقوا القتل بالسيف المهدوي الصارم. هذا ، ولاينبغي أن ندخل في البراهين التفصيلية على الأصول الصحيحة لتلك (التشويهات) الثلاثة الأولى ، بعد كل الذي عرفناه فيما سبق من مثبتاتها التاريخية ، وما سوف يأتي في خضم البحث من مزيد القرائن عليها واحدة واحدة . القسم الثالث: من العواطف والمواقف السلبية التي توجد ضد المهدي (ع) :ما يقوم به بعض الجماعات من مواجهته بالسلاح. أخرج النعماني في الغيبة(1) عن يعقوب السراج ، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : ثلاث عشرمدينة وطائفة يحارب القائم أهلها ويحاربونه :أهل مكة ،وأهل المدينة ،وأهل الشام ،وبنو أمية ،وأهل البصرة ،وأهل دميان (دشت ميشان) ، والأكراد، والأعراب ، وضبة، وغنى ،وباهلة ، وأزد البصرة ،واهل الري. وفي رواية مطولة أخرجها المجلسي في البحار(2) عن عبد الأعلى الحلبي عن أبي جعفر(ع) ، يقول فيها : فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني فيقول لأصحابه :استطردوا لهم .ثم يقول: كروا عليهم .قال أبو جعفر : لا يجوز – والله – الخندق منهم مخبر ... الحديث .
صفحة (426) (1) ص160 (2) ج13 ص179-180
ومنها ما سبق أن رويناه ،مما أخرجه المفيد في الإرشاد(1) عن أبي جعفر في حديث طويل أنه قال : إذا قام القائم (ع)، سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر الف نفس يدعون البترية ،عليهم السلاح .فيقولون له : ارجع من حيث جئت ، فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف ، حتى يأتي على آخرهم ثم يدخل الكوفة ، فيقتل بها كل منافق مرتاب ،ويهدم قصورها ، ويقتل مقاتليها ، حتى يرضى الله عز وعلا . وأخرجه الطبرسي في أعلام الورى(2). وأخرج النعماني(3) بإسناده عن ابي حمزة الثمالي ،قال : سمعت ابا جعفر (ع) يقول : أن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر ، لقي من الناس ما لقي رسول الله (ص) ، وأكثر ومن ذلك الروايات الواردة في قتال السفياني ، بعد ارتداده وفسخه مبايعة المهدي (ع) ... وقد سمعناها فلا نعيد وأقصى ماتعطينا هذه الروايات من المضمون العام ، هو أن المهدي (ع) سوف يواجه في العراق وغيره من المناطق الإسلامية ، حروباً مسلحة ومناوشات وقلاقل وهذا أمر راجح ،حتى لو لم نسمع شيئاً من هذه الروايات ،بعد أن نلتفت إلى أن أكثرية الأمة أصبحت فاشلة في التمحيص ، وعلى مستوى عصيان الأحكام الواضحة في الإسلام والمفاهيم القطعية فيه . كل من يواجهه بالحرب ، يكون غافلاً بطبيعة الحال عن ضمانات انتصاره التي ذكرناها ، إلى حد يظن بإمكان سيطرته على المهدي (ع) وجيشه ،أو على الأقل دفعه عن السيطرة على بلاده.
(1) ص343. (2) ص431. (3) الغيبة ص159.
|
|