|
||
|
وهذا المضمون إن فهمناه بمدلوله العام . كان صحيحاً ، فإن الذي يقوم بالقتل هو أصحاب الإمام وليس الإمام نفسه .وإنما نسب إلى الإمام باعتباره منطلقاً عن أمره وتخطيطه .كما نقول: فتح الأمير المدينة .ولا دليل على أن الإمام يقتل بيده شخصاً أصلاً . وأما إذا فهمنا أن الخبر بمدلوله الخاص بمعنى أن رجلاً معيناً هو الذي يعينه المهدي (ع) نفسه ...فهذا وإن كان محتملاً . باعتبار مهام المهدي العالمية ، فيحتاج إلى تعيين مسؤول عن كل مهمة بعينها . فلعله يعين رجلاً يكون مسؤولاً عن قتل المنحرفين . غير أن هذا المضمون لا يثبت ، لعدم قابلية هذا الخبر وحده للإثبات التاريخي . النقطة الثالثة : سيكون لكثرة القتل رد فعلها السيء في نفوس المنحرفين بطبيعة الحال " حتى يقولوا :والله ما هذا من ولد فاطمة .ولو كان من ولدها لرحمنا " وقوله : لرحمنا يدل على أن القائل لمثل هذه الإعتراضات هم المنحرفون أنفسهم الذين تكون هذه الحملة مكرسة ضدهم .وهذا أمر متوقع منهم بطبيعة الحال . وأما الآخرون ، وهم المتصفون بدرجة من درجات الإخلاص ... فقد يقتل من أحدهم أبوه أو ابنه أو أخوه ، أو أكثر من واحد من عشيرته ، باعتبارهم منحرفين مشمولين لهذه الحملة ...ولكن لن يكون لرد الفعل السيء اثر في نفوسهم . وذلك باعتبار عدة عوامل : العامل الأول : مرانهم . كمخلصين ناتجين من التخطيط السابق ، على تحمل المصاعب مهما زادت وتعسرت ، ولطالما اعتادوا على تقديم النفس والنفيس والإبن والقريب ، في سبيل الحق ، والتضحية بمصالحهم من أجله ، حتى لو وصل الأمر إلى بذل النفوس . فكيف والهدف قد أصبح أقرب وأوسع وأوضح. إن أمثال التضحيات سوف لن تكون لها قيمة بإزاء الهدف المقدس. العامل الثاني: المفاهيم الجديدة والمعمقة التي يعلنها الإمام المهدي (ع) في العالم عامة ولدى أصحابه خاصة. وإن من أوضح هذه المفاهيم هو الإستغناء عن كل العلاقات الخاصة في سبيل (العلاقة العامة) وهي العلاقة مع عبادة الله تعالى وتطبيق احكامه والسير في سبيله ، وازدراء كل من لم يسر في هذا الطريق .
قال الله تعالى في قرآنه المجيد:" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ..ومن يتولهم فأؤلئك هم الظالمون .قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم ،وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها ، أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله . فتربصوا حتى يأتي الله بأمره .والله لا يهدي القوم الفاسقين ."(1) وإذا جاء أمر الله المشار إليه في الآية ، انتفت كل هذه العلائق القبلية والإرتباطات الضيقة .وتبدلت إلى المفاهيم المعمقة والأهداف الواسعة .والمراد من أمر الله المشار إليه – والله أعلم بما ينزل – وجود الدولة العالمية العادلة تحت قيادة الإمام المهدي (ع) في تنفيذ أوامره وتطهير الأرض من أعدائه ... حتى سمعنا تسميتهم بجيش الغضب وعرفنا صفاتهم في الشجاعة والإندفاع والتضحية . وبهذا الحماس العاطفي والشجاعة النادرة، سيمارسون القتل بأنفسهم، مع إلغاء الخصائص الضيقة، وسيحملون السلاح على عواتقهم ثمانية أشهر كاملة حتى يتم استئصال المنحرفين من العالم ، وسيكون هذا العامل من العوامل الأخرى أفضل ضمان لشعورهم بالسعادة والإطمئنان من عملهم المقدس ،بحيث لا يحتمل وجود أي أثر سيء في نفوسهم. القسم الرابع : الفتح العالمي السلمي بدون قتال : ونتكلم عنه ضمن جهتين : الجهة الأولى : في الأخبار الدالة على أن الفتح العالمي سيتم بدون قتال : أخرج السيوطي(2) في الحاوي عن نعيم بن حماد عن علي قال : إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشاً فخسف بهم البيداء .... وتنقل إليه الخزائن ،ويدخل العرب والعجم وأهل الحرب و الروم وغيرهم في طاعته من غير قتال ، حتى يبني المساجد بالقسطنطينية وما دونها ... الحديث .
(1) التوبة : 9/23-24 (2) ج2 ص146
وأخرجه ابن طاووس في الملاحم والفتن(1) عن نعيم بن حماد أيضاً – وأخرج النعماني في الغيبة(2) بإسناده عن محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) قال : إذا قام القائم ... قال : ويبعث جنداً إلى القسطنطينية .فإذا بلغوا الخليج كتبوا على أقدامهم شيئاً ومشوا على الماء، قالوا :هؤلاء أصحابه يمشون على الماء ، فكيف هو ؟ فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة ، فيدخلونها ، فيحكمون فيها ما يريدون . أقول ونقله عنه في البحار(3). وعن عقد الدرر(4) عن علي بن أبي طالب في قصة المهدي وفتوحاته ... قال : ثم يأمر بإنشاء مراكب ، فيبني أربعمائة سفينة في ساحل عكا، ويخرج الروم في مائة صليب تحت كل صليب عشرة آلاف ، فيقيمون على طرطوس، فيفتحونها بأسنة الرماح ،ويوافيهم المهدي (ع) فيقتل من الروم حتى يتغير ماء الفرات بالدم ،وينهزم من الروم فيلحقوا بأنطاكية .وينزل المهدي (ع) على قبة العباس .فبعث ملك الروم بطلب الهدنة من المهدي (ع) ويطلب المهدي منه الجزية .فيجيبه إلى ذلك .غير أنه لا يخرج من بلد الروم ، فلا يبقى في بلد الروم أسير إلا خرج .ويقيم المهدي (ع) بأنطاكية سنة (لعلها سنته) تلك .ثم يسير ذلك ومن تبعه من المسلمين ، لا يمرون عل حصن من بلد الروم إلا قالوا عليه :لا إله إلا الله فيتساقط حيطانه ويقتل مقاتليه ،حتى ينزل على القسطنطينية ، فيكبرون عليها تكبيرات ، فينشف خليجها ويسقط سورها فيقتلون فيها ثلاثمائة ألف مقاتلة ، ويستخرج منها ثلاث كنوز...
(1) ص53. (2) ص172. (3) ص194 ج13. (4) رواها في الزام الناصب ص224 ط ايران.
|
|