|
||
|
القسم الثالث من هذا الفصل : في تحديد مدة كثرة القتل بثمانية أشهر ونتكلم عن ذلك في ضمن جهتين : الجهة الأولى : في سرد الأخبار الواردة لتحديد مدة وضع (السيف) في رقاب المحرفين . بثمانية أشهر. أخرج الصدوق في إكمال الدين(1) بسنده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : وساق الحديث إلى أن قال :- ثم يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر بيمينه . فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل ..الحديث . وأخرج النعماني في الغيبة(2) والمجلسي في البحار(3) عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (ع) : لا يخرج القائم (ع) حتى تكون تكملة الحلقة . قال : عشرة الآف ،إلى أن قال : يجرد السيف عن عاتقه ثمانية أشهر ، يقتل هرجاً . الحديث . وأخرج السيوطي في الحاوي(4) عن نعيم بن حماد عن علي ، قال : إذا بعث السفياني جيشاً فخسف بهم بالبيداء ، إلى أن قال : ويخرج رجل من قبله (أي المهدي) رجل من أهل بيت بالمشرق ، ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر... الحديث . وأخرج عنه أيضاً عن علي أيضاً ، قال : تفرج الفتن برجل منا يسومهم خسفاً . لا يعطيهم إلا السيف ، يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر . حتى يقولوا : والله ما هذا من ولد فاطمة ، ولو كان من ولدنا لرحمنا ....الحديث .
صفحة (408) (1)المصدر المخطوط. (2) ص165. (3) ج3 ص193. (4) ص146 ج2 ،وكذلك الخبر الذي بعده .
وقال البرزنجي في (الإشاعة)(1) : في بعض الروايات : يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر .وفي بعضها ثمانية عشر شهراً ، وفي رواية اثنين وسبعين شهراً، وهي مدة ست سنين . والمراد بتجريد السيف ووضغه على العاتق : مباشرة الحرب أو القتل . والهرج هو القتل الكثير .يقال: هرج الناس إذا وقعوا في فتنة واختلاط وقتل. ولا يخفى أن رواية الثمانية عشر شهراً وما بعدها، مما ذكره البرزنجي مرسلة وغير قابلة للإثبات التاريخي ، مضافاً إلى أنها منفية بالأخبار المتعددة الدالة على حصر المدة بثمانية أشهر ،وهذه الأخبار تصلح للإثبات بحسب منهجنا في هذا الكتاب ، لتعاضدها ، ودلالة بعضها على صدق بعض. الجهة الثانية : الحديث عن هذه الأخبار . ونتكلم حول ذلك في عدة نقاط . النقطة الأولى : إن لتبرير القتل الكثير الذي يقع خلال الثمانية أشهر اطروحتين رئيسيتين : الأطروحة الأولى : إن هذا القتل ، هو الذي يحدث خلال الغزو العالمي والثمانية أشهر هي المدة التي يتم فيها ألإستيلاء على العالم . غير أن هذه الأطروحة تواجه عدة اعتراضات. الإعتراض الأول : معارضتها بما دل على اختصاص القتل الكثير بمنطقة الشرق الأوسط ونحوها ، وعدم شموله لكل العالم ، كما سبق أن عرفنا . الإعتراض الثاني : معارضتها بما دل على أن الفتح العالمي في غير الشرق الأوسط سيكون بدون قتال ، بل تفتح الدول للمهدي (ع) أبوابها سلماً ، كما سيأتي غير بعيد .
الإعتراض
الثالث : إن الثمانية أشهر مدة زائدة جداً على الغزو العالمي . سواء كان الفتح
حربياً أو سلمياً ... لمدى الضمانات الأكيدة الشديدة التي عرفناها لإنتصار
المهدي (ع) ... فالتحديد بهذه المدة سيكون بعيداً جداً إذا كان المراد منه ذلك .
صفحة (409) (1) ص98
الإعتراض الرابع: ما يفهم من كلام السيد البرزنجي ، من استبعاد الفتح العالمي خلال هذه المدة بل في المدة الأطول منها . قال في الإشاعة(1) في فصل : تحديد مدة ملك المهدي (ع) بتسع سنين، ولا شك أن مدة التسع سنين فما دونها ، لايمكن أن يساح فيها ربع أو خمس المعمورة سياحة ، فضلاً عن الجهاد وتجهيز العساكر وترتيب الجيوش و بناء المساجد وغير ذلك .أقول : فإذا كان هذا رأيه بالتسع سنوات ، فكيف بالثمانية أشهر . وواضح أن هذا الكلام منطلق من مفاهيم وأسليب الحرب بشكلها القديم وإما إذا أخذنا وسائط النقل الحديثة والأسلحة المتطورة بنظر الإعتبار كان هذا الإعتراض بلا موضوع في الثمانية أشهر فضلاً عن التسع سنين . وهذا هو الذي يؤكد الإعتراض الثالث الذي ذكرناه . إذاً ، فهذا الإعتراض غير وارد . لكل الإعتراضات الثلاثة الأولى محتملة الورود ضد الأطروحة الأولى. وبانتفاء هذه الأطروحة نخسر أمراً غير يسير وهو : العلم بمدة الفتح العالمي ، إن هذه المدة ستكون مجهولة لنا . وسنتحدث عن ذلك في خلال الأخبار التي تتحدث عنه بدون قتال . الأطروحة الثانية : إن هذا القتل الكثير الذي يحدث خلال الثمانية أشهر ، ليس للفتح العالمي ، بل لإجتثاث المنحرفين نحو الباطل من المجتمع . وهذا هو الذي سبق أن فهمناه ، وتحدثنا عن خصائصه فيما سبق ، وإن الإعتراضات الثلاثة التي اوردناها على الأطروحة تؤكد هذه الأطروحة ، كما هو غير خفي لمن يفكر. ومعنى ذلك – بكل بساطة -: ان الفتح العالمي سينتهي بمدة أقل من ذلك بزمن غير يسير ، وخاصة إذا كان الفتح سلمياً ، كما سنسمع ، إلا أن المنحرفين سوف يبقى وجودهم ونشاطهم إلى جانب الباطل ، ساري المفعول ... ومن ثم (سيحتاجون) إلى قتل إضافي بعد استتباب الدولة العالمية ،وهذا ما سوف يمارسه المهدي (ع) وأصحابه ، إلى تمام الثمانية أشهر .
صفحة (410) (1) ص106
|
|