وأخرج الشيخ في الغيبة(1) عن أبي الجارود ، قال : قال أبو جعفر(ع)  :

وهو يتحدث عن القائم (ع) - : ويقتل الناس  حتى لا يبقى دين محمد (ص) ... الخبر .

وأخرج المفيد في الإرشاد(2) عن أبي الجارود  عن  أبي جعفر (ع)  - في حديث طويل – أنه قال:

 إذا قام القائم (ع) ، سار إلى الكوفة ، فيخرج منها بضعة عشر ألفاً نفس يدعون البترية (البرية)(ع) .فيقولون له : ارجع من حيث جئت ، فلا حاجة لنا ببني فاطمة . فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة ، فيقتل بها كل منافق مرتاب ، ويهدم قصورها و يقتل مقاتليها ، حتى يرضى الله عز وعلا .

وأخرج المجلسي في البحار(3) عن رفيد مولى ابن هبيرة . قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : جعلت فداك ، يا ابن رسول الله ويسير القائم بسيرة علي بن أبي طالب في أهل السواد بما في الجفر الأبيض ، وإن القائم يسير في العرب بما في الجفر الأحمر .قال : قلت : جعلت فداك ، وما الجفر الأحمر؟ قال : فأمر اصبعه على حلقه. فقال هكذا . يعني الذبح .

واخرج أيضاً (4) مرفوعاً إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) : قال:

إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب والفرس إلا السيف . لا يأخذها إلا بالسيف .ولا يعطيها إلا به .

وأخرج النعماني(5) بسنده عن بشير بن أراكة النبال ، عن أبي جعفر (ع) :


صفحة (396)
ـــــــــــــــــ

(1) ص283.        (2) ص 343.

(3)ج13 ص181.  (4) ص200 من نفس الجزء.

(5) ص152 وكذلك الذي يليه .

 

- في حديث – أنه قال : يذبحهم ، والذي نفسي بيده ، كما يذبح القصاب شاته .وأومأ  بيده إلى حلقه . قلت:إنهم يقولون: أنه إذا كان ذلك استقامت له الأمور فلا يهريق محجمه دم . فقال :كلا ، والذي نفسي بيده ، حتى يمسح وانتم العرق والعلق ، وأومأ بيده إلى جبهته .

وفي حديث آخر عن بشير النبال أيضاً ، قال : قلت لأبي جعفر (ع) :أنهم يقولون :

إن االمهدي (ع) لو قام لأستقامت له الأمور عفواً ، لا يهريق محجمه دم . فقال : كلا ، والذي نفسي بيده ، لو استقامت لأحد عفواً ، لأستقامت لرسول الله (ص) حين أدميت رباعيته وشج  في وجهه . كلا ، و الذي نفسي بيده ، حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ، ثم مسح جبهته .

وأخرج الشيخ في الغيبة (1) بسنده عن أبي بصير ، قال :

إذا قام القائم ...إلى أن قال : ثم يتوجه إلى الكوفة فينزلها ، وتكون داره .ويبهرج (2) سبعين قبيلة من قبائل العرب .

وبإزاء هذه الأحاديث المتواترة القطعية ، يوجد ما ينفي مباشرة الإمام المهدي (ع) للقتل ، الأمر الذي سمعنا تكذيبه من الأخبار السابقة .

أخرج السيوطي في الحاوي(3) عن نعيم بن حماد ، وابن طاووس في الملاحم والفتن(4) عنه أيضاً ، عن أبي هريرة ، قال:

يبايع المهدي (ع) بين الركن والمقام . لا يوقظ نائماً ولا يهريق دماً.

وفي الملاحم أيضاً(5) عن نعيم بن حماد بإسناده عن أبي رافع اسماعيل بن رافع عمن حدثه عن أبي سعيد عن النبي (ص) قال:

تأوي إليه أمته ، كما يأوي النحل إلى يعسوبها ، يملاً الأرض عدلاً كما ملئت جوراً . حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول ، لا يوقظ نائماً ولا يهرق دماً  .


صفحة (397)
ـــــــــــــــــ

(1) ص284.      (2) يعني : يهدر دماءهم.

(3) ج2 ص152. (4) ص51.

(5) ص56.

 

الجهة الثانية : ارتباط كثرة القتل بالتخطيطين الإلهيين العامين : تخطيط ماقبل الظهور ، وتخطيط ما بعد الظهور

وهما تخطيطان سبق أن عرضناهما و برهنا عليهما .والمراد في المقام : بيان ارتباط ما يقوم به القائد المهدي (ع) من القتل الكثير ، بهذين التخطيطين ، بمعنى الجواب على التساؤل عن مقدار سببية تخطيط عصر الغيبة لهذا القتل ،وعن نفع هذا المقدار من القتل وتأثيره في التخطيط لما بعد الظهور.... الذي هو التخطيط لإقامة دولة العدل في العالم وترسيخ قوائمها .

فهنا موقفان :

الموقف الأول : مقدار ارتباط كثرة القتل بالتخطيط العام السابق على الظهور .

إن أخذنا هذه الكثرة بصفتها تكتيكاً حربياً ونظاماً عسكرياً ولم يكن له ارتباط وثيق بهذا التخطيط ... ولكننا إن لاحظنا المقتولين في هذه الحملة وجدناها موجهة ضد اولئك الفاشلين في التمحيص إلى طرف الباطل ، يكون الآن مقتولاً لامحالة. ولذا نسمع من هذه الأخبار أنه عليه السلام يقتل أعداء الله ، ويقتل كل منافق مرتاب ، وانه لا يستتيب أحداً ، وأنه يقتل قوماً يرفضون ثورته ويقولون له : ارجع ، لا حاجة لنا ببني فاطمة ،وكل هؤلاء هم الفاشلون في التمحيص السابق على الظهور  .

ولا تنفع هذا الفشل توبته بين يدي المهدي (ع) بل سيقتله المهدي (ع) ولا يستتيبه ، أي لا يطلب منه التوبة ولا يسمعها منه .وقد سبق أن سمعنا عن الإمام المهدي (ع) نفسه أنه قال : فليعمل كل امرىء منكم بما يقرب به من محبتنا، ويتجنب ما يدينه من كراهتنا وسخطنا .فإن أمرنا بغتة فجأة وحين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبه(1).


صفحة (398)
ـــــــــــــــــ

(1) انظر الإحتجاج للطبرسي ج2 ص23 زما بعدها وتاريخ الغيبة الكبرى للمؤلف .