ويخرج السفياني عائداً إلى عاصمته ، فييستقبله أهل االحل والعقد من جماعته ، وفيهم عدد من المتطرفين المسيطرين ، ذكرت الأخبار أنهم من عسيرة أمه ، من قبيلة كلب . فيسألونه عن نتائج المباحثات ، فيخبرهم بمبايعته .فيشجبون موقفه ويعيرونه عليه ، باعتبار أنه قد أصبح تابعاً بعد أن كان متبوعاً .

ولا يمكن أن يكون للسفياني بشخصه موقف مستقل ضد خاصته ومستشاريه ، فيسألهم عن الرأي الصائب في نظرهم . فيقترحون عليه خلع البيعة ومواجهة المهدي (ع) مواجهة صارمة .

فيعود السفياني إلى المهدي (ع) طالباً خلع البينة وإقالته منها . فيقيله المهدي (ع) منها .وبذلك يصبح خارجاً على طاعته ، فيهدده المهدي (ع) بالقتال ، فلا يكون للسفيان بد من القبول . وظاهر سياق الروايات في هذه النقطة أن المهدي (ع) يقاتل السفياني وهو ـأعني السفياني – بعيد عن عاصمته ، مع جماعته القليلة الذين جاؤوا معه إلى مقابلة المهدي (ع) . فيفنى عسكر السفياني و يباشر المهدي قتل السفياني بنفسه ، كما تقول بعض الروايات .

وتبقى عاصمة السفياني بمن فيها من مسيطرين ومنحرفين بدون حاكم فيسرع المهدي (ع) إليها بجيشه، فتسقط بيده بسهولة ، وينهب جيش المهدوي أموالهم "والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب ".

وبذلك تسقط المنطقة التي يحكمها السفياني ، كلها في يد المهدي (ع) ،ويصبح المهدي حاكماً عاماً عليها .

القسم الثاني : في أن المهدي (ع) يستأصل المنحرفين جميعاً ونتكلم عنه في عدة جهات :

الجهة الأولى : في سرد الأخبار الدالة على أن المهدي (ع) يقتل المنحرفين قتلاً واسع النطاق

وقد وردت حول ذلك أخبار كثيرة نذكر نماذج كافية منها .

أخرج النعماني في الغيبة (1) بسنده عن الحارث الهمداني . قال : قال امير المؤمنين (ع) :

بأبي ابن خيرة الإماء – يعني : القائم من ولده – يسومهم خسفاً ، ويسقيهم بكأس مصبّرة ، ولا يعطيهم إلا السيف هرجاً .فعند ذلك تتمنى فجرة قريش له  أن لها مقاة مني بالدنيا وما فيها . لاغفر لها . لا نكف عنهم حتى يرضى الله .


صفحة (393)
ـــــــــــــــــ

(1) ص120
 

وأخرج أيضاً (1) بسنده عن  زرارة  عن أبي جعفر (ع) : قال: قلت له: صالح من الصالحين سماه لي .أريد القائم (ع). فقال : اسمه اسمي . فقلت : ايسير بسيرة محمد (ص)؟ قال :هيهات هيهات ، يا زرارة ، ما بسيرته .

قلت : جعلت فداك ، لم ؟ قال :

أن رسول الله (ص) سار في أمته باللبن (بالمن) ، كان يتألف الناس . والقائم يسير بالقتل ، بذاك أمر في الكتاب الذي معه .أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحداً .ويل لمن ناواه ! ..

وأخرج أيضاً(2) عن أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : أن علياً (ع) قال:

كان لي أن أقتل المولي وأجهز على الجريح . ولكن (ولكني) تركت ذلك للعاقبة من أصحابي أن جرحوا و لم يقتلوا. والقائم له أن يقتل المولي ويجهز على الجريح .

وأخرج أيضاً (3) عن محمد بن مسلم : قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول :

لو يعلم الناس ما صنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس .أما أنه لا يبدأ إلا بقريش ،  فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف . حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد ، لو كان من آل محمد لرحم .

وأخرج أيضاً(4) عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) ، أنه قال:

ما تستعجلون بخروج القائم ، فوالله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب .وما هو إلا السيف والموت تحت ظلال سيف .


صفحة (394)
ـــــــــــــــــ

(1) ص121.  (2) نفس الصفحة .

(3) ص122.  (4) نفس الصفحة .وانظر غيبة الشيخ الطوسي .277 ص.

 

وأخرج أيضا(1) بسنده عن بشر بن غالب الأسدي . قال : قال لي الحسين بن علي (ع) :

يا بشر ، ما بقاء قريش  إذا قدم القائم المهدي منهم خمسمائة رجل ، فضرب أعناقهم . ثم قدم خمسماءة فضرب أعناقهم صبراً ، ثم خمسمائة فضرب أعناقهم . قال :  فقلت  له : أصلحك الله ، أيبلغون ذلك ؟ فقال الحسين بن علي (ع) :إن مولى القوم منهم .

وأخرج الشيخ في المفيد في الإرشاد(2) عن عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله (ع) قال :

إذا قام القائم من آل محمد صلوات الله عليهم . أقام خمسماءة من قريش فضرب أعناقهم .ثم قام خمسماءة فضرب أعناقهم ثم خمسماءة أخرى ، حتى يفعل ذلك ست  مرات . قلت : ويبلغ عدد هؤلاء هذا . قال: نعم منهم ومن مواليهم ...وأخرجه الطبرسي وفي أعلام الورى(3)  .

وأخرج الصدوق في إكمال الدين(4) والطبرسي في الأعلام(5)  عن عبد العظيم بن عبد الله الحسيني . قال : قلت لمحمد بن علي بن موسى (ع) :

إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد ...إلى أن يقول الإمام (ع) : فإذا اكتمل له القصد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل ، فلايزال يقتل أعداء الله ، حتى يرضى الله عز وجل . قال عبد العظيم : فقلت له : يا سيدي ، وكيف يعلم لأن الله عز وجل قد رضي . قال: يلقي في قلبه الرحمة ... الحديث .


صفحة (395)
ـــــــــــــــــ

(1) ص123. (2) ص243.

(3) ص431. (4) انظر المصدر المخطوط.

(5) ص409.