|
||
|
وتسبب هذه العناصر الميتافيزيقية إلى رفع معنويات المسلمين ، هو المستفاد من نفس هذه الآيات السابقة حيث تقول :" وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به " . وأما الحصول على النصر الكامل من الله عز وجل وحده . " وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم " . وهذا التسبب الإلهي ليس على وجه القسر غير مناف مع إرادة المجاهدين وتضحياتهم .وإنما هو التسبب الإلهي الموجود في كل الكون ، حتى نزول المطر وخروج النبات التي يكون استناداً إلى الأسباب الطبيعية واضحاً .قال الله تعالى : " وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافاً"(2) وبهذا نستطيع أن ندرك أن الإنتصار الذي يحرزه الجيش المجاهد ، ناتج من عمله وإرادته ، وليس للعوامل غير المنظورة من إنتاج إلا رفع هذه الإرادة وتركيز هذا العمل . وليس من قبيل المعجزة ، لأن المعجزة تكون بسبب ميتافيزيقي قسري خارج عن إرادة البشر، وليس موردنا من هذا القبيل . وأود في هذا الصدد، أن أشير إلى أن ألآيات لم تنط إنزال الملائكة كون القائد نبياً أو رسولاً ، بل ولا كون المؤمنين في حالة حرب فعلاً وإنما أناطت ذلك بأحد لأمرين : الأمر الأول : الصبر والتقوى. قال تعالى : " بلى إن تصبروا وتتقوا ، ويأتوكم من فورهم هذا ...." الآية... الأمر الثاني : الإستغاثة إلى الله تعالى بطلب العون . قال الله تعالى : " إذ تستغيثون ربكم ، فاستجاب لكم إن يممدكم بألف من الملائكة مردفين " وهذا هو معنى ارتباط هذا التأييد الإلهي بدرجة كافية من الإخلاص في طريق الله والجهاد المقدس والأهداف العادلة .
صفحة (387) (1) النساء : 4/ 104. (2)عم : 78/14-16.
ومتى حصل أحدا لأمرين وجد الإمداد الإلهي ، بغض النظر عن شخص القائد ، نبياً كان أو إماماً ... وبغض النظر عن العمل العادل الذي يقوم به المسلمون ، حربياً كان أم سلمياً . ومن هنا لم تنص الروايات على معونة الملائكة للمهدي (ع) في خصوص الحرب . وقد سبق أن سمعنا جبريل (ع ) ينزل لمبايعته ، وليس المهدي (ع) في ذلك الحين في حالة حرب . هذا ، وإن الإيمان بمعونة الملائكة مبني على الإيمان بوجودهم بطبيعة الحال ، وهو متوفر لدى كل من يعتقد بالمهدي (ع) . وأما الجدل العقائدي ضذ الماديين وغيرهم في إثبات ذلك ، فليس مجاله هذا الكتاب . ويكفينا نحن كمسلمين ، تصريح القرآن الكريم بوجودهم . وإلى هنا تمت لدينا فكرة كافية عن ضمانات النصر للإمام المهدي (ع) التي ينطلق منها إلى تحقيق هدفه الأعلى في البشرية .ولعل هناك ضمانات أخرى لا ندركها ، أو لم يحصل لها الإثبات التاريخي الكافي . ولعل أي واحد من هذه الضمانات الثمانية كاف في الإنتصار على العالم أما أكثر من واحد منها ، فضلاً عن مجموعها ، ففيه أكثر من الكفاية . بل يكفي لفتح العالم في مدة قصيرة لا تتعدى الثمانية أشهر ، على ما يستفاد من عدد من الأخبار التي سنسمعها في الفصل الآتي .بل تكفي لفتح العالم أو أكثر أجزائه بدون قتال ، كما يستفاد من عدد آخر من الأخبار التي سنسمعها هناك أيضاً ، ولا يكون ذلك مستبعداً أبداً.
صفحة (388) |
|