|
|||||
|
وأخرج أيضاً (1) بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (ع) ، - في حديث يقول فيه – : يؤيده بثلاثة أجناد : بالملائكة و بالمؤمنين و بالرعب ... الحديث . وأخرج الطبرسي في الإعلام(2) عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر الباقر(ع) : كأني بالقائم على نجف الكوفة ، وقد سار إليها من مكة . في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه ، ميكائيل عن شماله ، والمؤمنون بين يديه ، وهو يفرق الجنود في الأمصار . إلى غير ذلك من الأخبار ، هذا وقد سبق أن سمعنا أن جبرئيل (ع ) أول من يبايعه بعد الإنتهاء من خطبته في المسجد الحرام . أقول : الملائكة المسومون ، هم المذكورون في قوله تعالى: " بلى إن تصبروا وتتقوا ، ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة الاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به .وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ".(3) والملائكة المردفون هم المذكورون بقوله تعالى : " اذ تستغيثون ربكم ، فاستجاب لكم إن يممدكم بألف من الملائكة مردفين .وما جعله الله إلا بشرى ، ولتطمئن به قلوبكم .وما النصر إلا من عند الله .إن الله عزيز حكيم "(4). والملائكة المنزلون هم المذكورون في قوله تعالى : " إذ تقول للمؤمنين : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة الآف من الملائكة منزلين "(5).
(1) ص128. (2) ص430. (3) آل عمران : 3/ 125-126. (4) الأنفال : 8/9-10. (5) آل عمران : 124.
والملائكة الكروبيون ، غير مذكورين في القرآن الكريم ، لكنهم ذكروا في السنة الشريفة في كثير من الأخبار والأدعية .قيل عنهم في المصادر اللغوية : سادة الملائكة أو المقربون منهم .عبرانيتها : كروبيم جمع كروب. ومعناها : حافظ أو حارس أو مقرب(2) . والملائكة البدريون ، هم الذين أعانوا الجيش الإسلامي النبوي في وقعة بدر .ويبدو من هذه الروايات أنهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدد الجيش نفسه . والملائكة الأربعة : جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل ، هم سادة الملائكة .... وقيل هم أدنى من (الروح) المذكورة في قوله تعالى : " تنزل الملائكة والروح فيها (3) فالفرد منهم أحد أربعة أو خمسة ، لايضارعهم غيرهم من الملائكة . الجهة الثانية : في فلسفة هذه الأخبار . أننا إذا تكلمنا من ناحية عقائدية غير فلسفية ، نجد أن معونة الملائكة للجيش المجاهد ، يعني إعطاء التأييد الألهي غير القسري لهذا الجيش ، بإدخال عوامل ميتافيزيقية في الحرب لأجل الحصول على نتائج أفضل . وذلك : حين تكون الحرب جهادية ومطابقة للحق ومرضية لله عز وجل ، فإنه عز وعلا مشيئته الأزلية بانتصار الحق على الباطل . المفهوم من قوله تعالى : "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ، إن الله قوي عزيز "(4) فإنه لا محالة يسبغ على الجيش الممثل لطرف الحق لطفه وعطفه ويساعده بتوفير عناصر الإنتصار له .... يكون منها : أنه يرسل قسماً من الملائكة لنصر المؤمنين ،وهم (عناصر) ميتافيزيقية غير منظورة .... عناصر لا تكون إلا إلى جنب الحق والعدل .
(1) 4/ 172. (2) انظر أقرب الموارد ، كادة كرب . (3) القدر : 97/4. (4) 58 / 21.
وبمجرد أن تنحرف الأمة ، فإنها تحرم بالضرورة من هذه العناصر الطاهرة قال الله تعالى : " وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين "(1) وهذه العناصر ليست غريبة عن الإمام المهدي(ع) بعد أن كانت قد وجدت للنبي (ص) والأنبياء السابقين عليه ، كما يفهم من الآية الأخيرة وهذه الروايات . كيف وإن ثورة المهدي (ع) هي نتيجة جهود كل هؤلاء الأنبياء وكل الأولياء والصالحين والمطبقة للهدف الأسمى من خلق البشرية على وجه الأرض . فقد تكون أولى بالنصر والإمداد من أي دعوة أخرى سابقة عليها . أما الأسلوب الذي تتخذه هذه العناصر الميتافيزيقية ، في التأييد والنصر، فهو مما لا يمكن التعرف عليه ، لوضوح أنها عوامل غير منظورة ، فمن الطبيعي أن يكون اسلوب تأثيرها غير منظور أيضاً ، أو غير ثابت تاريخياً على الأقل .وقد وردت بعض الروايات التي تتحدث عن غزوات النبي (ص) تصرح بأن الملائكة كانوا يقاتلون كما قاتل الناس ، بعد اتخاذهم صورة البشر وهذا محتمل عقلاً ، إلا أنه لا يكاد يثبت تاريخياً ،ولا يتعين الإلتزام به بحسب القواعد المعروفة للإسلام . وإنما الذي يستطاع الركون إليه بهذا الصدد ، واستفادته من هذه الآيات نفسها ... هو ان هذه العناصر الميتافيزيقية ترفع من معنويات الجيش البشري المجاهد وتخفض من معنويات الجيش المعادي للحق ...إلى حد تجعل الفرد أقوى من عشرة من أعدائه . ولذا كان الحكم الإسلامي المصرح به في القرآن الكريم عدم جواز الفرار حتى لو كان الأعداء عشرة أضعاف المسلمين .حتى ارتفع بقوله تعالى : " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً"(2) وبدل إلى عدم جواز الفرار إذا كان الجيش المعادي بقدر الجيش المعادي مرتين . وعلى كلا الحالين ، فالمفروض بالفرد المؤمن أن يكون أعلى مستوى في معنوياته وإخلاصه من الفرد الكافر .
(1)36/ 28
(2)
الأنفال : 8/66 |
||||
|
|||||