|
|||||
|
فقال : صدق الله في جميع أقواله، لكن ذراري قتلة الحسين رضي الله عنه يرضون ويفتخرون بفعال آبائهم. ومن رضي شيئا كمن فعله .ولو أن رجلاً قتل في المشرق فرضي أن يقتله رجل في المغرب لكان شريك القاتل . وليس المراد بالثأر مجرد الإنتقام ،كما كان عليه ديدن العرب في الجاهلية وبقي عليه المنحرفون الوارثون لتلك العادات إلى الآن . بل المراد أمران مزدوجان . الأمر الأول : تطبيق الهدف الذي أراده الحسين (ع) ، فيضمن ماأراده من أهداف. وهو إزالة الظلم عن الأرض وتطهيرها من الفساد ، والسير نحو المثل الأعلى العادل . الأمر الثاني: قتل كل راض بمقتل الحسين (ع) وطاعن في ثورته ،فإن الراضي بذلك يمثل في حقيقته ذلك الإنحراف والظلم الذي ثار عليه الحسين (ع) ،وأراد فضحه أمام الرأي العام ، وسيثور عليه المهدي (ع) ويستأصله عن وجه الأرض .فمن الطبيعي أن يستأصل المهدي أمثال هؤلاء المنحرفين وتمكيناً وتهيئة للمجتمع العادل الكامل ، كما سنوضح . لا يختلف في ذلك بين أن يكونوا من ذرية قتلة الحسين فعلاً أم من غيرهم ، فإن القاعدة الأساسية في ذلك هو : أن الراضي بالشيء كفاعله "ولو أن رجلاً قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان شريك القاتل" لا يؤثر في ذلك افتراق المكان واختلاف الزمان .. وإنما نصت هذه الرواية على الذرية ، باعتبار أن الغالب في الذرية المنحرفة هو الإفتخار بما اجترح الآباء من مظالم وارتكبوا من مآثم وهدروا من دماء .ونصت أيضاً على القاعدة العامة التي يمكن باعتبارها التعميم من الذرية إلى غيرهم . بل القول اليقين ، بأنه لو كان في الذرية من هو مؤمن يستنكر فعل آبائه ، لم يكن مشمولاً للقتل من هذه الجهة . هذا وينبغي أن ثورة الإمام الحسين (ع) ، وإن كانت واقعة وفي ضمن التخطيط العام لعصر ما قبل الظهور ، وليس مستنداً إلى التخطيط السابق ، إلا باعتبار حدوث سببه فيه .ومن هنا جعلناه في الضمانات التي لا تترتب على ذلك التخطيط .
الجهة الاولى : في إيراد الأخبار الدالة على ذلك ،وهي عديدة نذكر أهمها : أخرج الكنجي في البيان(1) بإسناده عن الهيثم بن عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب (ع) – في حديث عن المهدي (ع) يقول فيه - : يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم . قال الكنجي : رواه الطبراني في معجمه ، وأخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي (ع) . وقال القندوزي في الينابيع(2) نقلاً عن إسعاف الراغبين للصبان قوله : وجاء في روايات عدة أنه عند ظهوره ينادي فوق رأس ملك : هذا خليفة الله فاتبعوه ... وإن الله تعالى يمده بثلاثة الآف من الملائكة .... وإن جبريل على مقدمة جيشه وميكائيل على ساقته ... الحديث . وأخرج ابن قولوية في كامل الزيارات(3) بإسناده عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) قال : كأني بالقائم على نجف الكوفة ... إلى أن يقول : فينحط عليه ثلاث عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً . قلت : كل هؤلاء الملائكة ؟ قال : نعم ، الذين كانوا مع نوح في السفينة ، والذين كانوا مع ابراهيم حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني اسرائيل ، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه . وأربعة الآف ملك مع النبي (ص) مسومين ، وألف مردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين .وأربعة الآف هبطوا يريدون القتال مع الحسين (ع) فلم يؤذن لهم في القتال ....وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم (ع) إلى وقت خروجه عليه صلوات الله والسلام .
(1) ص96. (2) ص563. (3) ص120.
وأخرجه النعماني في الغيبة (1)، مع شيء من الإختلاف. وأخرج النعماني أيضاً عن إبان بن تغلب ، قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : كأني أنظر إلى القائم على نجف الكوفة ... ويستمر في الحديث فيذكر أن راية رسول الله (ص) يأتيه بها جبريل ، ثم يقول - : يهبط بها تسعة الآف ملك ،وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً .فقد جعلت فداك .كل هؤلاء معه ؟ قال: نعم .هم الذين كانوا مع نوح في السفينة ،والذين كانوا مع ابراهيم حيث ألقي في النار ، وهم الذين كانوا مع موسى لما فلق له البحر والذين كانوا مع عيسى لما رفعه الله إليه ، وأربعة الآف مسومين كانوا مع رسول الله (ص). وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً كانوا معه يوم بدر ومعهم اربعة الآف يصعدون (صعدوا) إلى السماء يستأمرون في القتال مع الحسين (ع) ، فهبطوا إلى الأرض وقد قتل .فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة .وهم ينتظرون خروج القائم (ع) . وأخرج أيضاً (1) بسنده عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي يقول: لو قد خرج قائم آل محمد لنصرة الله بالملائكة المسومين والمردفين والمنزلين والكروبيين ، يكون جبرئيل أمامه وميكائيل عن يمينه وإسرافيل عن يساره . والرعب مسيرة أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله و الملائكة المقربون حذاه ... الحديث .
صفحة (383)
(1) ص166 وما
بعدها .
(3) ص122. |
||||
|
|||||