|
|||||
|
ولكن هذا العنصر سيكون مطلقاً تماماً في ثورة القائد المهدي العالمية وذلك : لأن أعداءه من المنحرفين والكافرين والماديين ، فاغوا الذهن تماماً عن قضية ثورته وعن احتمال حصولها تماماً . فيكون حدوثها مباغتة (مطلقة) وسيؤخذون على حين غرة وعلى غيراستعداد . وقد أكدت الأخبار على هذا ا لعنصر من ضمانات الإنتصار : أخرج الصدوق(1) بإسناده المتصل بالإمام الرضا (ع) وعن آبائه وأن النبي (ص) قيل له : يا رسول الله ، متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال : مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا الله عز وجل ، ثقلت في السموات والأرض ، لا تاتيكم إلا بغتة (2). وأخرج الطبرسي في الإحتجاج(3) رسالة المهدي (ع) إلى الشيخ المفيد عليه الرحمة ، وقد سبق أن ذكرناها في تاريخ الغيبة الكبرى(4) وقد جاء في آخرها : فليعمل كل امرىء منكم بما يقرب به من محبتنا ، ويتجنب ما يدينه من كراهتنا وسخطنا .فإن أمرنا بغتة فجأة، حين لا ينفعه توبة ،ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة ... الحديث . إلى غير ذلك من الأخبار ... وينبغي أن نتحدث عن عنصر المفاجأة ضمن جهتين : و يمكن إرجاع هذا التخطيط إلى عدة فقرات : الفقرة الأولى: تعاهد قادة الإسلام الأوائل، على عدم التصريح بموعد الظهور ، وإبقائه غيباً مكتوباً عن كل أحد، لا يعلم به حتى المخلصون من أصحابه ، فضلاً عن الآخرين .ويختص علمه بالله عز وجل والقادة الإسلاميين المعصومين أنفسهم.
(1) أنظر :كمال الدين نسخة محفوظة (2) الأعراف : 7/178 (3) ج2 ص 324 (4) ص168
ولذا سمعنا النبي(ص) في الرواية الأولى رفض أن يصرح بالوقت ، ويشبه خفاء موعد الظهور بخفاء موعد يوم السلعة "لا تأتيكم إلا بغتة ، ثقلت في السموات والأرض"(1) . كيف لا وهو يرى بأن انتصار ذلك القائد الكبير في اليوم العظيم . منوط بالكتمان . الفقرة الثانية : نفي التوقيت ، ولعن الوقاتين وتكذيبهم ، من قبل القادة الإسلاميين السابقين . والتي سمعناها في فصل سابق من هذا التاريخ . الفقرة الثالثة : إعطاء العلامات العامة والخاصة ، أو بالأحرى البعيدة والقريبة للظهور ، مع التجنب – بحذر متعمد – التصريح بالوقت الحقيقي لها وله. الفقرة الرابعة : ما عرفناه من تعذر الإطلاع على نتيجة التخطيط العام من قبل أي إنسان ، سوى المهدي نفسه – طبقاً للفهم الإمامي . فإن الشرط المتبقي وهو وجود العدد الكافي لغزو العالم ، لا يمكن التعرف على نموه أو تحققه إلا بعد الإطلاع على ثلاثة أمور : الأمر الأول : مقدار هذا العدد المحتاج إليه في غزو العالم ...كلياً . الأمر الثاني : صفات الإخلاص وغيره التي ينبغي أن يتصف بها أفراد هذا الجيش ....كلياً . الأمر الثالث: تحقق الأمرين الأولين في أشخاص بأعينهم في عالم الحياة أو بتعبير آخر : اتصاف نفس المقدار من الأفراد بهذه الأوصاف . وهذا مما لا يمكن التعرف عليه بحال ، كما سبق أن برهنا عليه . والجواب على ذلك :أننا قلنا أن هذه العلائم إنما جعلت ، لتكون تنبيهاً للمخلصين الممحصين خاصة و للمؤمنين بالمهدي (ع) عامة ...إلى قرب الظهور . ومن هنا لا يكون عنصر المفاجأة بالمعنى الكامل ثابتاً بالنسبة اليهم بل لا معنى لسريانه عليهم عندئذ ، لضرورة اجتماعهم إلى المهدي (ع) عند ظهوره . وهذا يستدعي انتباههم إليه قبل الظهور ولا معنى لغفلتهم أو مباغتتهم .
(1) انظر الأعراف : 7/ 178
والمباغتة لا تكون تجاه الأصدقاء، وإنما هي خطة ضذ الأعداء . وقد قلنا أكثر من مرة أن الأعداء لا يلتفتون إلى هذه العلامات ، ولايعتبرونها دالة على شيء أصلاً .إذن فهم على الدوام غير متوقعين للظهور على الإطلاق ومعه فيكون الظهور بالنسبة إليهم مفاجأة كاملة ، كما هو المطلوب. الجهة الأولى : في الروايات الدالة على ذلك . وهي عديدة ، نذكر عدداً من نماذجها : اخرج النعماني(1) عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي (ع) يقول : لو قد خرج قائم آل محمد (ع) .... إلى أن قال : والرعب مسيرة أمامه .وفي نسخة : يسير سيرة امامه . وعن(2) هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : بينا الرجل على رأس القائم يأمر وينهى ، إذ يأمر بضرب عنقه .فلا يبقى بين الخافقين إلا خافه . وعن(3) عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (ع) – في حديث – يذكر راية القائم المهدي (ع) - ....إلى أن قال فإذا هو قام نشرها ... وقال يسير الرعب قدامها شهراً ، ووراءها شهراً ، وعن يمينها شهراً وعن يسارها شهراً . ثم قال :يا أبا محمد . انه يخرج موتوراً غضبان أسفاً ، لغضب الله على هذا الخلق ... الحديث.
(1) الغيبة للنعماني : ص122. (2) المصدر ص126. (3) المصدر ص128. (4) المصدر ص165.
|
||||
|
|||||