|
|||||
|
أي أن نهاية المطاف في التخطيط العام للبشرية، هو حكم المتقين الأخيار حملة العدل الكامل والعبادة الخالصة إلى الناس . الضمان الثاني : ضعف الدول السابقة على الظهور ، والتي ستصبح معاصرة له في أول تحققه . فإنه قد يخطر في الذهن: استبعاد انتصار الإمام المهدي (ع) أمام قوى الشر الكبرى في العالم المتمثلة في الدول الكبرى والمجموعات الدولية والأحلاف الدولية ...وأمام الأسلحة الرهيبة التي يكفي بعضها القليل لهلاك كل البشر، فضلاً عن الكثير ، والتي يمكن بها التعرف على أي شكل من أشكال التحرك لأي جيش أو جهة ، أينما كان في الكرة الأرضية ..لأجل التوصل إلى ضربه وتحطيمه . وهذا الإستبعاد يمكن نقده بأي ضمان من هذه الضمانات التي نحن بصددها الأن لإنتصار المهدي (ع) . ولكن بغض النظر عن أي ضمان ، يمكن أن يكون هذا الضمان الثاني جواباً مستقلاً متكاملاً عن هذا الإيراد . وهو: أننا يمكن أن نعرض (اطروحة) معينة محتملة – على أقل تقدير- نجمع حولها المثبتات والقرائن ، بما فيها بعض الروايات الواردة . نعرضها لكي نقول فيها : أن قوى الشر الكبرى والأسلحة الحديثة الفتاكة ، سوف لن تبقى إلى عصر الظهور ، لكي يتسنى لذويها استعمالها ضد الإمام المهدي (ع) ، بل سيكتب لهذه الأسلحة الزوال بشكل من الأشكال . وذلك انطلاقاً من منطلقات نذكر منها اثنين رئيسين : المنطلق الأول: أن نتصور أن اتفاقية عامة تقع بين الدول المهمة في العالم . بمنع استعمال الأسلحة الأستراتيجية الفتاكة كالقنابل الذرية والصواريخ الموجهة، وبعض أنواع الطائرات والدبابات والبوارج المتطورة الصنع .... ونحو ذلك مما يوجب الدمار العام ... ومنع صنعها وبيعها .. والإتفاق عل اتلاف هذه الأسلحة ممن كانت لديه . وفرض رقابة دولية مشددة على ذلك .
(1) الاعراف : 128 وانظر : القصص : 28 / 83
فإذا تم تطبيق هذه الإتفاقية ، لم يبق لدى الدول عموماً ، إلا السلاح الذي ينفع للإستهلاك المحلي الداخلي ، وهو مما لا يمكن أن يواجه حركة مهمة واسعة كحركة الإمام المهدي (ع). وقيام الدول في المستقبل غير البعيد يمثل هذه الإتفاقية ، أمر محتمل جداً ، والإتجاه الدولي العام يسير نحوه بخطى حثيثة .وخاصة بعد أن منع تفجير الأسلحة النووية جواً، ومنع بيعها للدول غير المالكة لها ،واتجه التفكير إلى الحد منها في الدول المالكة لها ، بل الحد من كل أنواع الأسلحة المهمة ، كما لا يخفى على القارىء المتابع لهذه الأخبار. ومعه يبقى وجود مثل هذه الإتفاقية امراً قريبا جداً ،وكل ما في الأمر أنه يحتاج إلى مضي بعض الزمن لأجل نضج الفكرة والإتفاق على النقاط الأساسية . المنطلق الثاني: وهو ثابت على تقدير عدم حصول المنطلق الأول و أعني عدم اتفاق الدول على الحد من الأسلحة . ففي الإمكان القول حينئذ أن الأسلحة ستتحطم في حرب عالمية ساحقة ماحقة مدمرة . وقد نقل عن أحد المفكرين الأوروبيين ، أظنه برناردشو ، أنه سئل عن نوع الأسلحة التي تستعمل في الحرب العالمية الثالثة . فقال ما مؤداه : إن هذا مما لا أعلمه ، وإنما أعلم أنه إذا وقعت حرب رابعة ، فسوف يكون السلاح فيها هو العصي والحجارة . وهذا واضح جداً في كون هذا المفكر مقتنعاً بأن الحرب العالمية الثالثة سوف تكون هائلة تذهب بالحضارة والمدنية كلها ، لا بالأسلحة فقط . وستكون كل الأطراف المشتركة فيها خاسرة وفانية ...إلى حد سوف لن يوجد بعدها إلا أناس فارغين من الحضارة ومجردين من السلاح القوي ... لا يملكون في الحرب إلا العصي و الحجارة . وهذه الصورة لا تخلو من مبالغة ، إلا أن طبع الحضارة الأوروبية بكل أشكالها تتجه نحو الحرب لا محالة ، ما لم تقم اتفاقية من النوع الذي ذكرناه في المنطلق الأول .ولا زال شبح الحرب العالمية ماثلاً ، والخوف منها يأكل قلوب الساسة الكبراء في عالم اليوم فضلاً عن الشعوب الضعيفة .
صفحة (337) وإذا حدثت هذه الحرب ، فستكون نتيجة للتخطيط العام الذي تمر به البشرية ، وهذه الدول بالذات . طبقاً لقوله تعالى : " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت ، وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً او نهاراً ، فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس . كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون .(1) فإن التمحيص كما هو شامل للأفراد ، شامل للجماعات والدول أيضاً ، وكما يفشل الأفراد في التمحيص كذلك تفشل الدول .وفشلها عبارة عن انعدام الضمير والأخلاق فيها ، وتولد الأنانية وسوء الظن ببعضها البعض وبالأفراد والجماعات .الأمر الذي يولد على الصعيد الداخلي أقسى أنواع الظلم والتعسف ، وعلى الصعيد الخارجي الحر ب العالمية المدمرة . وقد انطبقت الشرائط المذكورة في الآية الكريمة على الحضارة الأوروبية تماماً . فقد " أخذت الأرض زخرفها وازينت" بأنواع التقدم الحضاري والمدني في مختلف الحقول الإنسانية واللاإنسانية ... و" ظن أهلها أنهم قادرون عليها " وأنهم مسيطرون على الطبيعة قادرون على تذليلها لمصالحهم وتوفير سعادتهم . وإذا وجد هذان الشرطان وجدت النتيجة الرهيبة : "أتاها أمرنا" بالفناء " فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس " كما قال الشاعر : كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس و لم يسمر بمكة سامر وليس الأمر الإلهي بالفناء منحصراً بالطريقة الإعجازية ، بل تشمل النتيجة التي قلناها ، وهي أن فشل الدول في التمحيص يولد بينها الحرب المدمرة الماحقة التي لا تبقي للدول المتحاربة ولا لأسلحتها ولا لكبريائها أي وجود . والتنبؤ بحدوث الحرب المدمرة قبل الظهور ، موجود في الروايات ، بشكل او آخر ، مروية من قبل المحدثين من الفريقين . أخرج ابن ماجة (2) عن أنس بن كالك عن رسوا الله (ص) ، في حديث عن أشراط الساعة وأنه قال : ويذهب الرجال ويبقى النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة قيم ، واحد ومن الواضح أن ذهاب الرجال أو فنائهم ، لا يكون لمرض أو فقر أو نحوه ، وإلا لشمل النساء أيضاً ، و إنما يكون نتيجة للحرب خاصة ... إذ أن الأعم الأغلب من المحاربين هم من الرجال عل مر الأجيال .
(1) يونس : 10 / 24 . (2) انظر السنن ج 2 ص 1343 .
|
||||
|
|||||