|
|||||
|
وهذا أكبر استيعاب ممكن لمناطق العالم ، بحسب مستوى الفهم العام للمجتمع حال صدور هذه النصوص ، الفهم الذي لم يكن ليساعد على تعداد ماهو أكثر من ذلك . وفي الحقيقة . أن هذه المناطق إنما ذكرت لإعطاء الإنطباع عن سعة فتح الإمام المهدي (ع) ودولته .... وسيقت كامثلة لذلك لا على وجه التعيين . ومعه فيمكن استفادة فهم الإنحصار بهذه المذكورة .وكيف يمكن فهم الإنحصار مع قيام الدليل القطعي الذي عرفناه على خلافه . ومن هذه الأمثلة نعرف سعة حكم المهدي (ع) على ذي القرنين ، فإن المعروف أن ذي القرنين لم يحكم الصين ولا الروم(1) ، وإنما حاربهم . على حين أن المهدي سوف يسيطر على ذلك سيطرة تامة . والمراد بالروم في الرواية ، طبقاً للفهم المعاصر لصدورها ، معناه الشامل للإفرنج كلهم أعني أوروبا عموما ، وقد يشمل قادة أمريكا أيضاً .لا أنهم من عنصر بشري مشابه ، أي أنهم من الإفرنج بالمعنى العام. والمراد بالصين المنطقة المعروفة في شرق آسيا.... الشاملة للقسم المحكوم للشيوعيين اليوم والقسم المحكوم لأمريكا وللصين الوطنية ، والشامل لليابان أيضاً . والمراد بالديلم أو جبال الديلم ، المناطق التي تقع الآن في "جنوب الإتحاد السوفيتي" والتي تحتوي على أكثرية مسلمة .فإن نسبة الديالمة في التاريخ إلى تلك المنطقة . وقد تسمى بمنطقة ما وراء النهر في بعض التواريخ . وأما الهند فمعروفة ، إلا أن المقصود منها ما يشمل باكستان أيضاً ، لكونهم مما يصدق عليهم اسم الهند لغة بطبيعة الحال . وأما السند فالمراد به ما يسمى اليوم بجنوب شرقي آسيا ، بما فيها اندونيسيا وفيتنام ولاوس وغيرها .
ـــــــــــــــــ (1) اعني الجزء الغربي من اوروبا ، فان الجزء الشرقي منها دخل تحت حكم ذي القرنين
والمراد بالقسطنطينية ، مدينة استانبول ، التي هي الجزء الأوروبي من تركيا . وهي ترد - عادة – في لسان الروايات كأقوى مدينة في العالم القديم ، بحيث يكون فتحها نقطة استراتيجية مهمة في حركة القيادة العالمية، وإنما تكتسب أهميتها باعتبارها إحدى المداخل الرئيسية لأوروبا الشرقية . ومن هذا المنطلق ورد التبشير في الروايات بشمول الفتح الإسلامي للقسطنطينية ، وبات منتظراً عدة قرون ، حتى تحقق على يد "العثمانيين" وبذلك اكتسبوا أهمية كبيرة بصفتهم المطبقين لذلك التبشير الإسلامي ، وقد عرضنا ذلك في التاريخ السابق (1) وسيفتحها المهدي (ع) مرة أخرى. وكابل شاه ، هي عاصمة مملكة الأفغان الحالية . وفتحها يعني فتح المنطقة كلها بطبيعة الحال وشهرتها على (كابل) وأضيفت إلى الشاه أما باعتبار أنها الأسم القديم لها ، أو باعتبار عاصمة دولة ملكية ..والشاه هو الملك عندهم. والخزر ، هو المنطقة المجاورة لبحر الخزر المعروف ببحر قزوين من الشمال ... الذي يحكم أغلب شواطئه الآن دولة الإتحاد السوفيتي ، وقد اختصت إيران بقسم من شواطئه الجنوبية . ومن هنا نعرف أن هذه المناطق . شاملة لكل العالم المعروف أو المسكون في عصر صدور هذه الروايات ، ولم يكن من المعقول التصريح بما يزيد عليه ،فإنه يكون مخافاً للمستوى الثقافي والعقلي للسامعين في ذلك العصر . وهو يكاد يستوعب كل قارة اروربا وآسيا ، وقد يشمل بشكل وآخر ، أمريكا الشمالية أيضاً . وقد سكتت هاتان الروايتان عن افريقيا واستراليا وأمريكا الجنوبية والقطبين . لما قلناه من أن تسميتها كانت غير مناسبة مع مستوى السامعين . وهذا صادق في غير الشمال الإفريقي (بالمعنى الشامل لمصر) والحبشة (بالمعنى الشامل للسودان والصومال ايضاً) .فإنه كان معروفاً للمجتمع يومئذ، فيكون دليل شمول الحكم المهدوي لها ثابتاً بالقسم الأول من الروايات ودلالة التخطيط العام . وإذا نظرنا إلى هذه البلاد المذكورة من زاوية حالها الحاضر وأمكننا أن نعرف كيف أنها تحتوي على مناطق افرنجية رأسمالية صرفة ، وعلى مناطق شيوعية صرفة ، وعلى مناطق مستعمرة للشرق الشيوعي ...مما يؤكد ما قلنا عن استقلال ايدولوجية المهدي (ع) عن هذه اليدولوجيات السائدة في عصر الغيبة .
صفحة (324)
ـــــــــــــــــ
ويؤكد بكل وضوح : أن المهدي (ع) سوف ياتي محارباً للمادية بكل اشكالها وأحوالها ، وللفساد القانوني والأخلاقي بكل عناوينه وشعاراته . وهو أيضاً يؤكد – في نفس الوقت – مقدار القوى التي ستقابل المهدي (ع) في هذا العالم وأهمية العمل القيادي الذي سوف يتكلفه . وهذا ما سنعرفه في الفصل الآتي وفي ضمانات النصر. فإن المهم بعد الآن، هو أن نعرف بوضوح كيفية حصول المهدي (ع) على هذا الهدف الضخم الذي لم يسبق له الوجود في تاريخ البشرية كلها ، و ماهي ضمانات الإنتصار في هذا الهدف .
|
||||
|
|||||