وقد تولى رضي الله عنه- أيام سفارته الحملة الرئيسية ضد ظاهرة الإنحراف عن الخط ، وإدعاء السفارة زوراً، بتيلغ القواعد الشعبية توجيهات المهدي عليه السلام في ذلك، وشجبه ظاهرة الأنحراف عن الخط وإدعاء السفارة زوراً ، بتبليغ القواعد الشعبية توجيهات المهدي عليه السلام في ذلك وشجبه لظاهرة ألأنحراف. كما سيأتي التعرض له في الفصل الآتي.

وبقي مضطلعاً بمهامه العظمى، حتى لحق بالرفيق الأعلى عام 326  كما عرفنا، ودفن في النوبختية في الدار التي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلى التل، أو إلى درب الآخر وإلى قنطرة الشوك – رضي الله عنه- (1). أقول : كذا قال التاريخ . وقبره اليوم في بغداد معروف ... مقصد ومزار.

السفير الرابع :

هو الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري أو السيمري أو الصيمري .والمشهور جداً هو الأول مضبوطاً بفتح السين والميم معاً .والآخرين مضبوطين بفتح أولهما وسكون الياء وفتح الميم وربما قيل بالضم أيضاً.

لم يذكر عام ميلاده ،ولا تاريخ فجر حياته ،وإنما ذكر أولاً كواحد من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام (2).

ــــــــــــــــ  
(1) الغيبة ص238

(2) رجال الشيخ الطوسي ص432 بعنوان الصيمري .وانظر كشف الغمة ج3 ص207


صفحة (412)
 

ثم ذكر قائماً بمهام السفارة المهدوية ببغداد،بعد الشيخ ابن روح، بإيعاز منه عن الإمام المهدي عليه السلام(1).

ولم يرد في هذا الإيعاز خبر معين، وإنما يعرف بالتسالم والإتفاق الذي وجد على سفارة السمري بين الموالين، الناشىء لا محالة من تبليغ ابن روح عن الإمام المهدي (ع) .وقد سبق أن قلنا أن مثل هذا التسالم والإتفاق، كانت القواعد الشعبية الموالية للإمام (ع) تعتمده وتتبعه فيتبع في ذلك الجاهل العالم والبادي والحاضر .ووجود هذا التسالم مأخوذ في التاريخ جيلاً بعد جيل عن جيل الغيبة الصغرى ، ممما يعلم بوجوده ويحرز تحققه بالقطع واليقين.

تولى السفارة من حين وفاة أبو القاسم بن روح عام 326 ، إلى أن لحق بالرفيق الأعلى عام 329 في النصف من شعبان(2) فتكون مدة سفارته عن الإمام المهدي عليه السلام ثلاثة أعوام كاملة ، غير أيام.

ولم ينفتح للسمري ، خلال هذا الزمان القصير ، بالنسبة إلى أسلافه القيام بفعاليات موسعة ، كالتي قاموا بها، ولم يستطع أن يكتسب ذلك العمق والرسوخ في القواعد الشعبية كالذي اكتسبوه. وإن كان الإعتقاد بجلالته ووثاقته كالإعتقاد بهم.

ــــــــــــــــ  
(1) أعلام الورى ص417

(2) انظر غيبة الشيخ الطوسي ص424 .وفي أعلام الورى أنه توفي عام 328 ،ص417 والمعتمد ما ذكره الشيخ الطوسي .قده


صفحة (413)
 

فما ذكره بعض المستشرقين، من أنه – أي السمري- ربما أدركته الخيبة ، فشعر بتفاهة منصبه وعدم حقيقته كوكيل معتمد للإمام المفترض(1)..ناشيء من عقيدة ذلك المستشرق في إنكار الإسلام وإنكار وجود المهدي عليه السلام. وإلا فأي تفاهة في مثل هذا المنصب الخطير الذي عرفنا خطوطه وأهميته .وهو يمثل القيادة العامة للملايين، بالنيابة عن إمامهم، في ظروف معاكسة خطرة ،ودولة مراقبة ومطاردة لهذا الخط وللسائرين عليه.

كما ان الشعور بعدم حقيقة الوكالة، أمر لا معنى له على الإطلاق بالنسبة إلى موقفه المباشر من الامام المهدي ، وتلقي التعليمات والتوقيعات منه ،واستيثاق قواعده الشعبية وعلماء الطائفة يومئذ به وركونهم إليه، وإنما كلام هذا المستشرق ناشيء من عقائده الخاصة ولله في خلقه شؤون.

نعم ، لا يبعد ان يكون لما ذكره ذلك المستشرق من كون تلك السنوات "مليئة بالظلم والجور وسفك الدماء"(2) دخل كبير في كفكفة نشاط هذا السفير، وقلة فعالياته .فإن النشاط الإجتماعي يقترن وجوده دائماً، بالجو المناسب والفرصة المواتية .فمع صعوبة الزمان وكثرة الحوادث وتشتت الاذهان ،لا يبقى هناك مجال لمثل عمله المبني على الحذر والكتمان.

ــــــــــــــــ  
(1) عقيدة الشيعة لرونلدسن ص257

(2) المصدر والصفحة


صفحة (414)