![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
على ان هذا المسلك لم يكن خاصاً بالسفراء ، بل شاملاً لسائر الخاصة ممن كان ينتهج النهج الصحيح المتفق عليه .فمن ذلك أنه كان علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، مستمراً في تجارته ، يجلس كل يوم ويخرج حسابه ودواته كما يكون التجار(2).إلا أن ذلك لا ينافي قيامه بالواجب، وايفاءه لحق العقيدة الحقة ..إذ يأمر بجر الحسين بن منصور الحلاج من رجليه واخراجه من محل تجارته ، باعتبار ادعائه السفارة كذباً وزوراً (3). النقطة الرابعة : التزامهم بمسلك التقية: مهما أحوجهم الأمر إلى ذلك .. ويجعلونه طريقاً لتهدأة الخواطر عليهم وإبعاد النظر عنهم لكي تنفسح لهم فرصة أوسع ومجال أكبر للعمل ، مما إذا كانوا مراقبين ومطاردين بشكل مستمر أكيد. ــــــــــــــــ (1) البحار ج63 ص79. (2) الغيبة للشيخ الطوسي ص248. (3) المصدر والصفحة .
صفحة (384) فمن ذلك : أن أبا القاسم الحسين بن روح عليه الرحمة ،كان يحضر مجالس العامة غير الموالين للأئمة عليهم السلام . فصادف في بعض المجالس أن تناظر اثنان ، فادعى أحدهما: أن ابا بكر أفضل الناس بعد رسول الله (ص) ، ثم عمر ثم علي. وقال الآخر: بل علي أفضل من عمر .فزاد الكلام بينهما .فقال ابو القاسم رضي الله عنه الذي اجتمعت الصحابة عليه ،هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق ثم بعده عثمان ذو النورين ثم الوصي وأصحاب الحديث على ذلك ،وهو الصحيح عندنا ، فبقي من حضر المجلس متعجباً من هذا القول .وكان العامة الحضور يرفعونه على رؤوسهم وكثر الدعاء له، والطعن على من يرميه بالرفض!! (1) . هذا وهو قائد الرافضة وسفير إمامهم. فقد ظهر ابو القاسم رحمه الله في قوله هذا أشد تطرفاً من كلا المتناظرين .فإنهما كانا متفقين على تقديم أبي بكر بالأفضلية على الجميع كما كانا متفقين على تأخير عثمان عن الجميع ...واختلفا في افضلية عمر وعلي. أما أبو القاسم فقد أظهر أن علياً هو الرابع في الأفضلية والمتأخر عن الجميع ..ولله في خلقه شؤون ..إلى حوادث أخرى من هذا القبيل ، لعلنا نستعرضها في الفصل الآتي . وعلى أي حال ، فمن المحرز المتيقن أن هذا الاتجاه الذي كان يسير عليه السفراء ، قد استقوا خطوطه العامة من المهدي عليه السلام بحسب ما يرى من المصالح في ذلك الحين والظروف التي كانت تعيشها قواعده الشعبية تجاه الدولة والآخرين .وكان كل سفير منهم يطبقه بمقدار ظروفه وشكل تطور الحوادث في زمنه. ــــــــــــــــ (1) انظر الغيبة ص237.
وأما بحسب ما هو المعلوم من درجة إيمانهم واخلاصهم ، تلك الدرجة التي أهلتهم لنيل السفارة الخاصة دون غيرهم من الخاصة ، فهم كانوا على استعداد لأكبر التضحيات وأوضحها ، لو اخذوا التعاليم بالقيام بشيء منها من المهدي (ع) ، أو اقتضتها المصالح الإسلامية العليا كيف وقد سمعنا شهادة أحد الخاصة العظماء في حق الحسين بن روح رحمه الله ، انه لو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه. ولكن كلما كان الموقف أشد وأدق والنشاط المفتقر إليه في قيادة القواعد الشعبية الموسعة ،أكبر، والمصالح المتوخاة تطبيقها فيهم أعظم ،كانت الحاجة إلى صرف نظر الدولة ومن يسير على خطها عن هذا النشاط وتلك المصالح ..أشد وأكثر.وقد استطاع السفراء كما قد استطاع الأئمة (ع) قبلهم، أن ينالوا بمسلك التقية أو السلبية من المصالح العامة في قيادة قواعدهم الشعبية وهدايتها والمحافظة عليها، أضعاف، ما كان في الإمكان أن ينالوا من الحركات الانتحارية العشوائية .. لو كان فيها شيء من الخير. القسم الرابع: الاتجاه العام للدولة.
ونريد بالدولة .. الجهاز الحاكم.. خليفة ووزراء وقضاة
وقواداً ومحسوبين .. يعطف على ذلك من يسير في ركاب الدولة عقيدة ومصلحة بنحو من
الأنحاء ..من أفراد الشعب المسلم .. الذي يمثل مع الدولة خطاً واتجاهاً
محفوظاً على ترتب الأجيال وتطاول السنين.
|
|
![]() |
![]() |
|