![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
ولكنه ينقل في موضع آخر(2) عن رجل منهم أعرب عن عقيدته أمام السلطات ، فذكر أنه لا بد لله من حجة في أرضه ، وان إمامهم هو المهدي المقيم ببلاد المغرب ، وهو عبيد الله بن الحسن الذي أشرنا إليه فيما سبق .وقد كان معاصراً لهم في ذلك الحين ، إلا أن حركة القرامطة أسبق من حركة هذا المهدي المدعي .فإن حركته كانت عام 296 كما عرفنا. في حين أن ظهور القرامطة في ابتداء امرهم بسواد الكوفة ، كان قبل ذلك بثمانية عشر سنة ، عام 278(3). ويدل على اعتقادهم أيضاً بإمامة عبيد الله بن الحسن ، ما سنسمعه من تعنيفه للقرامطة على قلعهم للحجر الأسود من الكعبة ، بحيث أوجب إرجاعهم له على أثر ذلك .وقد ينافي في اعتقادهم هذا ما عرفناه من إيمانهم بكون محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد ، هو المهدي. مع العلم أنه لا يحتمل وجود مهديين في العالم ، ويبعد جداً إعتقادهم بذلك.. والله العالم بحقائق الأمور .
وأما
اعمالهم: فلم يكد المجتمع المسلم يشعر بالراحة ، بعد القضاء على صاحب الزنج ، عام 270 كما عرفنا، حتى ابتلي من جديد بحركة القرامطة بعد ثمانية سنوات من هذا
التاريخ. (1) الكامل ج6ص70 (2) المصدر ص188 (3) انظر الكامل ج6 ص67
وكانوا يتصفون بالصرامة والشدة والإستهانة بالدماء ، إلى حد لم يكن ليقف أمامهم جيش مقاتل ، أو تصمد أمامهم مدينة محاربة . وكان مجرد احتمال مهاجمة القرامطة لبعض المناطق يوجب بث الرعب في الناس، وانهيار معنوياتهم إلى حد كبير. وقد كبدوا العراق وسوريا والبحرين ، تضحيات جليلة .إلى ان قتل قائدهم (صاحب الشامة) بعد القبض عليه وتعذيبه عام 291 (1) وشيخهم زكرويه بن مهرويه عام 294 (2) .وكبيرهم في البحرين أبو سعيد الجنابي عام 301 (3). ومعنى ذلك أن صاحب الشامة وزكرويه قتلا قبل حركة المهدي المغربي عام 296. ولكن ذلك لم يفل من عزمهم ، إذ شهد عام 311 مأساة البصرة التي احدثوها بقيادة أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الهجري القرمطي فقد وضع السيف في اهل البصرة وقتل خلقاً كثيراً وطرح الناس أنفسهم في الماء فغرق أكثرهم .وأقام أبو طاهر سبعة عشر يوماً يحمل ما يقدر عليه من المال والأمتعة والنساء والصبيان(4) ثم هاجم الكوفة هجوماً مميتاً عام 315(5).
ـــــــــــــــــــ (3) المصدر ص147 (4) الكامل ج6ص157 (5) المصدر ص186
وأما هجومهم على قوافل الحجاج وإبادتهم لهم ، أعواماً متعددة فحدث عنه ولا حرج .بدأت عام 294 بقيادة زكرويه، حيث غدروا بقافلة خراسانية للحجاج وقتلوهم عن آخرهم .وبقي يقاتل القوافل حتى جمع القتلى كالتل، وأرسل خلف المنهزمين من يبذل لهم الأمان فلما رجعوا قتلهم وغنموا مليوني دينار .وكان في جملة ما أخذوا فيها أموال الطولونية وأنشابهم(1) .وتكرر عام 312 حين نهب أبو طاهر القرمطي قوافل الحجاج ،وأخذ جمال الحجاج جميعها وما أراد من الأمتعة والأموال والنساء والصبيان ،وعاد إلي هجر. وترك الحجاج في مواضعهم، فمات أكثرهم جوعاً وعطشاً من حر الشمس(2). فتسببوا في هذا العام إلى أن لا يحج من الناس أحد (3). وفي العام الذي يليه 313 ، جبى القرامطة ضريبة من الحجاج وكفوا عنهم فساروا إلى مكة (4). وتكللت هذه الجرائم عام 317 ، بالهجوم المباشر على مكة المكرمة وقتل الحجاج ونهبهم ، وسفك الدماء في المسجد الحرام وطرح القتلى في بئر زمزم ،وأخذ أبو طاهر كسوة البيت فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة ،وقلع الحجر الأسود وأتفذه إلى هجر(5) حيث بقي ثلاثين سنة(6). ـــــــــــــــــــ (1) المصدر ص116 (2) الكامل ج6 ص177 (3) المصدر ص180 (4) المصدر ص182 (5) المصدر ص204 (6) تاريخ لاشعوب الإسلامية ج2ص75
|
|
![]() |
![]() |
|