|
||
|
وأما الامكان العلمي فلا يوجد علمياً اليوم ما يبرر رفض ذلك من الناحية النظرية . وهذا بحث يتصل في الحقيقة بنوعية التفسير الفلسجي لظاهرة الشيخوخة والهرم لدى الانسان ، فهل تعبّر هذه الظاهرة عن قانون طبيعي يفرض على انسجة جسم الانسان وخلاياه بعد ان تبلغ قمة نموها أن تتصلب بالتدريج وتصبح أقل كفاءة للإستمرار في العمل ، إلى ان تتعطل في لحظة معينة ، حتى لو عزلناها عن تأثير أي عامل خارجي ، أو ان هذا التصلب وهذا التناقص في كفاءة الاتسجة والخلايا الجسمية ، للقيام بادوارها الفسيولوجية نتيجة صراع مع عوامل خارجية كالميكروبات أو التسمم الذي يتسرب إلى الجسم من خلال ما يتناوله من غذاء مكثف ، أو ما يقوم به من عمل مكثف أو أي عامل آخر ؟
وهذا سؤال يطرحه العلم اليوم على نفسه ؛ وهو جاد في الإجابة عليه ، ولا يزال للسؤال أكثر من جواب على الصعيد العلمي . فإذا أخذنا بوجهة النظر العلمية التي تتجه إلى تفسير الشيخوخة والضعف الهرمي ، بوصفه نتيجة صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية معينة فهذا يعني أن بالإمكان نظرياً ، إذا عزلت الأنسجة التي يتكون منها جسم الإنسان عن تلك المؤثرات المعينة أن تمتد بها الحياة وتتجاوز ظاهرة الشخيخوخة وتتغلب عليها نهائياً . وإذا أخذنا بوجهة النظر الأخرى التي تميل إلى افتراض الشيخوخة قانوناً طبيعياً للخلايا والأنسجة الحية نفسها بمعنى أنها تحمل في أحشائها بذرة فنائها المحتوم ، مروراً بمرحلة الهرم والشيخوخة وانتهاءً بالموت .
أقول : إذا أخذنا بوجهة النظر هذه فليس معنى هذا عدم افتراض أي مرونة في هذا القانون الطبيعي ، بل هو على افتراض وجوده قانون مرن ، لأننا نجد في حياتنا الاعتيادية ولأن العلماء يشاهدون في مختبراتهم العلمية أن الشيخوخة كظاهرة فسيولوجية ، لا زمنية قد تأتي مبكرة وقد تتأخر ولا تظهر إلا في فترة متأخرة ، حتى أن الرجل قد يكون طاعناً في السن ولكنه يملك أعضاء لينة ولا تبدو عليه أعراض الشيخوخة كما نص على ذلك الأطباء . بل إن العلماء استطاعوا عملياً أن يستفيدوا من مرونة ذلك القانون الطبيعي المفترض ، فأطالوا عمر بعض الحيوانات مئات المرات بالنسبة إلى أعمارها الطبيعية ، وذلك بخلق ظروف وعوامل تؤجل فاعلية قانون الشيخوخة . وبهذا يثبت علمياً أن تأجيل هذا القانون بخلق ظروف وعوامل معينة أمر ممكن علمياً ، ولئن لم يتح للعلم أن يمارس فعلاً هذا التأجيل بالنسبة إلى كائنٍ معقد معين كالإنسان فليس ذلك إلا لفارق درجه بين صعوبة هذه الممارسة بالنسبة إلى الإنسان وصعوبتها بالنسبة إلى أحياءَ أخرى .
|
|