|
||
|
ولكنهم أهملوا إهمالاً يكاد يكون تاماً ذكر حال الرجال الذين وجدت لهم روايات في حقول أخرى من المعارف الإسلامية ، كالعقائد والتاريخ والملاحم وغيرها . ممن قد يربو عددهم على رواة الروايات الفقهية . فإن صادف ، من حسن حظ الراوي ، أن روى في التاريخ والفقه معاً ، وجدنا له ذكراً في كتبهم ، أما إذا لم يرو شيئاً في الفقه ، فإنه يكون مجهولاً ، وإن كان من خير خلق الله علماً وعملاً ، كما تدل عليه الروايات بالنسبة إلى عدد منهم .
صفحة (45)
منهجنا في التمحيص : نستطيع الخروج ، من مأزق جهالة حال الرواة ، بعدة أمور : أولاً : الأخذ بالروايات الموثوقة سنداً ، أن فرض كون رواتها مذكورين ومنصوص عليهم بالوثاقة . ثانياً: الأخذ بالروايات المشهورة في طبقة أعلامنا المؤلفين ، أو في الطبقات المتقدمة عليهم ، إذ لعل كثرة روايتها منهم ، دال على اطمئنانهم بوثاقة راويها أو الظن بمطابقتها للواقع . ولعل الشهرة تصل إلى حد تكون بنفسها موجبة للاطمئنان الشخصي بصحة السند وصدق المضمون فتكون بذلك إثباتاً تاريخياً كافياً . ثالثاً : الأخذ بالروايات التي قام شاهد على صدقها من داخل مضمونها أو بضم قرائن خارجية اليها . كتلك الروايات التي وردت في تاريخنا الخاص ، وتضمنت ذكر بعض الحوادث والحقائق التاريخية العامة ، كالقرامطة أو ابن طولون ، أو بعض الخلفاء العباسيين أو بعض وزرائهم ، أو تاريخاً لحادثة معينة ، مما نجده صادقاً عند مراجعة التاريخ العام فيكون ذلك دليلاً على صدقها وصحتها لا محالة .
كما قد نستطع أن نحصل على قرائن من بعضها على البعض ، أو من مناسبتها لمقتضى الحال ، أو نحو ذلك ، على ما سوف يأتي في البحوث الآتية . رابعاً : الأخذ بالروايات المجردة عن كل ذلك ، إذا كانت خالية عن المعارض ، ولم تقم قرينة على كذبها وعدم مطابقتها للواقع . وكانت إلى جانب ذلك مما يساعدنا في تذليل بعض المشكلات أو الإجابة على بعض الأسئلة المطروحة على بساط التاريخ ، فإننا نضظر إلى الأخذ بها بصفتها المصدر الوحيد للجواب . ولا يبقى بين أيدينا إلا الروايات التي هناك شاهد على كذبها ، وإلا الرويات المتعارضة التي نشير إليها في النقطة الآتية. ولا يخفى أن كل ذلك ، إنما هو بالنسبة إلى الحوادث الجزئية التي يحتاج إثباتها التاريخي إلى شاهد . وأما الأمور التي هي من ضروريات مذهبنا ، أو قام عليها التواتر في النقل ، فإننا نعتبر ذلك اثباتاً تاريخياً كافياً . بالرغم من أن ضرورة المذهب لا تكون ملزمة لمن لا يلتزم بالمذهب . إلا أن المراد حيث كان هو التعرض لتاريخ الإمام المهدي (ع) في غيبته الصغرى من تاريخنا الخاص كما نؤمن به وصرح به مؤرخو الإمامية ، صح لنا الاعتماد على مثل هذه القرينة .
|
|