والآن بإمكانك أن تقدر الموقف في ضوء ما تقدم لكي تدرك بوضوح أن المهدي حقيقة عاشتها أمة من الناس وعبر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم مع الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحد كل هذه المدة تلاعباً في الكلام أو تحايلاً في التصرف أو تهافتاً في النقل . فهل تتصور – بربك – أن بأمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاماً ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلهم يتفقون عليها ويظلون يتعاملون على أساسها وكأنها قضية يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشك ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميزة تتيح لهم نحواً من التواطؤ ويكسبون من خلال ما يتصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع وإيمانهم بواقعية القضية التي يدعون أنهم يحسونها ويعيشون معها ؟!


صفحة (74)

 

لقد قيل قديماً أن حبل الكذب قصير ، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أن من المستحيل عملياً بحساب الاحتمالات تعيش أكذوبة بهذا الشكل وكل هذه المدة وضمن كل تلك العلاقات والأخذ والعطاء ثم تكسب ثقة جميع من حولها.

وهكذا نعرف أن ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة عملية لإثبات ما لها من واقع موضوعي والتسليم بالإمام القائد بولادته وحياته وغيبته وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد.


صفحة (75)
 

5- لماذا لم يظهر القائد إذن ؟

لماذا لم يظهر القائد إذن طيلة هذه المدة ؟ وإذا كان قد أَعَدَّ نفسه للعمل الاجتماعي ، فما الذي منعه عن الظهور على المسرح في فترة الغيبة الصغرى أو في أعقابها بدلاً عن تحويلها إلى غيبة كبرى ، حيث كانت ظروف العمل الإجتماعي والتغييري ، وقتئذٍ أبسط وأيسر وكانت صلته الفعلية بالناس من خلال تنظيمات الغيبة الصغرى تتيح له أن يجمع صفوفه ويبدأ عمله بداية قوية ولم تكن القوى الحاكمة من حوله قد بلغت الدرجة الهائلة من القدرة والقوة التي بلغتها الإنسانية بعد ذلك من خلال التطور العلمي والصناعي ؟

والجواب : ان كل عملية تغيير اجتماعي يرتبط نجاحها بشروط ظروف موضوعية لا يتأنى لها أن تحقق هدفها إلا عندما تتوفر تلك الشروط والظروف.


صفحة (77)