ويمكن تلخيص هذه المبررات في دليلين : أحدهما إسلامي والآخر علمي .

فبالدليل الإسلامي نثبت وجود القائد المنتظر، وبالدليل العلمي نبرهن على أن المهدي ليس مجرد أسطورة وافتراض بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التاريخية .

أما الدليل الإسلامي ، فيتمثل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله (ص) والأئمة من أهل البيت (ع) والتي تدل على تعيين المهدي وكونه من أهل البيت ومن ولد فاطمة ومن ذرية الحسين وأنه التاسع من ولد الحسين وأن الخلفاء اثناء عشر ، فإن هذه الروايات تحدد تلك الفكرة العامة وتشخيصها في الإمام الثاني عشر من أئمة الفكرة العامة وتشخيصها في الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت ، وهي روايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار على الرغم من تحفظ الائمة " عليهم السلام " واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام وقاية للخلف الصالح من الاغتيال او الإجهاز السريع على حياته .


صفحة (68)
 

وليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها ، بل هناك إضافة إلى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها ، فالحديث النبوي الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الأمراء بعده وأنهم اثني عشر إماماً أو خليفة أو أميراً .. على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة ـ قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشعية والسنة بما في ذلك البخاري ومسلم والترمذي وأبي دواد ومسند أحمد ومستدرك الحاكم على الصحيحين ويلاحظ هنا أن البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري وفي ذلك مغزى كبير ، لأنه يبرهن على أن هذا الحديث قد سجل عن النبي (ص) قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمة الاثني عشر فعلاً ، وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له ، لأن الأحاديث المزيفة التي تنسب إلى النبي (ص) وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاساً له.


صفحة (69)
 

فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أن الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر ، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري ، أمكننا أن نتأكد من أن هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوى ، فقال : أن الخلفاء بعدي اثني عشر . وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءاً من الإمام علي وانتهاءاً بالمهدي ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف .

وأما الدليل العلمي ، فهو يتكون من تجربة عاشتها أمة من الناس فترة امتدت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغرى . ولتوضيح ذلك نمهد بإعطاء فكرة موجزة عن الغيبة الصغرى .

 

صفحة (70)