ثالثاً : نفيه لكون جعفر عالماً بالحلال والحرام ،وأنه لا يعرف حتى حد الصلاة ووقتها ،وإنما يزعم ذلك طلباً للشعوذة .

رابعاً :ت ذكير الناس بفسقه ،وإن ظروف مسكره منصوبه ، وآثار عصيانه مشهورة قائمة.

خامساً : تحديه بمطالبته إقامة آية أو حجة أو دلالة . فإن كان فليذكرها ، والإ بطلت دعواه.

سادساً : تحديه من الناحية العلمية . ومطالبة أحمد بن اسحق أن يمتحنه في ذلك .ويسأله عن آية من كتاب الله يفسرها أو صلاة يبين حدودها وما يجب  فيها ،فإن لم يجب علم السائل حاله ومقداره من العلم .

سابعاً: نفي ان تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام:

ويختم المهدي (ع) كتابه بالدعاء لله بحفظ الحق على أهله. ويقول: وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق واضمحل الباطل وانحسر عنكم .


 
صفحة (307)
 

العامل الرابع : مما أدى إلى فشل مخطط جعفر بن علي :هو شعور الدولة بالعجز عن تأييده وإجابة طلبه فإنه إذ يعرض الطلب الذي سمعناه على الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، ويقول له:

اجعل لي مرتبة اخي...وانا اوصل اليك كل سنة عشرين الف دينار... يشعر الوزير بعجز الدولة تماماً عن إجابته. فإنه لا يمكن بأي حال ان يفرض جعفر اماماً على الجماهير الموالية لابيه عليه السلام فان العقائد ليست مما يمكن فرضه ولا مما يشترى بالمال ، ولا مما يحصل بقوة السلاح ولا باي طريق آخر ، سوى صدق البرهان والتوفيق الالهي لشخص بالامامة. فانه حينئذ يستطيع ان يثبت امامته لاي احد بالطريق الذي يراه كما تيسر لآبائه عليهم السلام واما مع فقدان ذلك فليس الى فرض الامامة من سبيل.

وان التجربة المعاصرة ، لتعيش في ذهن الوزير بوضوح .وهي ان الجماهير الموالية للائمة عليهم السلام بالرغم من اضطهاد الدولة لهم ومطاردتهم والتنكيل بهم ومعاناتهم الفقر والمرض والعزلة السياسية والاجتماعية كانوا لا يزدادون الا ولاء وتقرباً من الائمة عليهم السلام .فالدولة حين ارادت ان تتوصل الى رفض امامة الائمة (ع) بكل ما تملك من سلاح ،لم تستطع فكيف تستطيع الدولة ان تزرع اماما جديدا في قلوب المعارضة لها المنكرة لتصرفاتها المعاينة من آلامها ونكباتها.


 

صفحة (
308)

 

ولذا نرى الوزير يستهين بجعفر ويزجره ويسمعه ما يكره . ويقول له الحقيقة الواضحة :يا احمق. السلطان اطال الله بقاء جرد سيفه في الذين زعموا ان اباك واخاك ائمة ليردهم عن ذلك .فلم يتهيأ  له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً ، فلا حاجة بك إلى سلطان يرتبك مرتبهم ، ولا غير سلطان .وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا(1) ثم أن الوزير استقله واستضعفه وأمر ان يحجب عنه فلم يأذن له في الدخول عليه حتى مات.

وإذ تضيق بجعفر هذه الوجوه ، يصعد إلى الخليفة ، آملاً أن يجد في البلاط ما لم يجده عند الوزير .فإن جعفر يعلم أن من مصلحة الدولة إيقاع الخلاف والإغتشاش بين الجمهور الموالية لآبائه (ع) وإيقاع الشك فيهم في اتجاه خط الإمامة وأنه يعرض خدماته على الدولة للقيام بمثل هذا العمل ،لا بإزاء مال يقبضه منها . بل بإزاء مال يدفعه إليها.

ولكنه يواجه عند الخليفة المعتمد ما واجه عند الوزير ، من الموقف النفسي والإزدراء الإجتماعي.

قال له المعتمد :اعلم أن منزلة أخيك لم تكن بنا. إنما كانت بالله عز وجل ،ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه .وكان الله عز وجل يأبى إلا أن يزيده كل يوم رفعة ، لما كان له من الصيانة وحسن السمت والعلم وكثرة العبادة ، فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته ، فلا حاجة بك إلينا ،وإن لم تكن عندهم بمنزلته ،ولم يكن فيك ما كان في أخيك . لم نغن عنك في ذلك شيئاً(2).

ـــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد ص320

(2) انظر الإكمال المخطوط وانظر الخرايج والجرايح ص186.

 
صفحة (
309)