|
||
|
واستولى مساور على أكثر أعمال الموصل وقوي أمره. فقاتله والي الخليفة على الموصل قتالاً شديداً ، فاندحر، فاشتد أمر مساور وعظم شأنه وخافه الناس(1) . وذلك عام 245هـ. وكان أن صلى بالمسجد الجامع بالموصل صلاة الجمعة بالناس وخطبهم (2). وفي عام 255هـ قاتله عسكر الخليفة فانتصر مساور أيضاً وانهزم عسكر الخليفة (3) . وفي عام 256هـ ، ثار بوجه مساور الشاري أحد الخوارج ، بسبب اختلاف بينهما في بعض المسائل الكلامية، فاقتتلوا اقتتالاً شديداً أدى إلى فوز مساور وانهزام الخارجي الآخر ، وقتل أكثر جيشه (4) . وبلغ مساور من السيطرة والقوة أن استولى على كثير من العراق ومنع الأموال عن الخليفة فضاقت على الجند أرزاقهم (5) . وبقي على مثل هذه الحال إلى أن مات عام 263هـ (6) . ـــــــــــــــــــــــــ (1) الكامل جـ 5 ص 339 . (2) المصدر ص 246 . (3) المصدر ص 350 . (4) المصدر ص 354 وما بعدها .
(5)
المصدر 355 . (6)
المصدر جـ 6 ص 15 . صفحة (70)
واختلف الخوارج إلى من يرجعوا بعده ، وحدث لذلك بينهم قتال ، حتى تم أمرهم على هارون بن عبد الله البجلي الشاري(1) . السادس: من خصائص هذا العصر ولعله أبعدها خطراً وأعمقها أثراً، ويختص بالقسم الثاني من خلافة سامراء، عند ازدياد ضعفها وتفسخها ، وذلك في عهد المهتدي والمعتمد. وهو ظهور صاحب الزنج الذي قتل الألوف من النفوس وهتك الآلاف من الأعراض ، احرق عشرات المدن وسبب بشكل غير مباشر إلى أمرين مهمين : أحدهما : ضعف الخلافة في عهد المعتمد ، وبقاء الخليفة صورة بلا واقع لا حل له ولا عقد . ثانيهما : ترسخ قوة الخليفة في عهد المعتضد ، وذلك بعد انهيار الزنج وزوال سامراء كعاصمة للخلافة . وصاحب الزنج هو الرجل الذي ثار في البصرة عام 255هـ(2) اسمه علي بن محمد ، وزعم أنه علوي ، يتصل نسبه بزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام . ولم يكن كذلك ، على ما يذكر التاريخ ، فإن نسبه في عبد قيس ، وأمه من بني أسد بن خزيمة (3) . واستمر يعيث في المجتمع فساداً خمسة عشر عاماً ، إلى أن قتل عام 270 هـ (4) . ـــــــــــــــــــــــ (1) الكامل جـ 6 ص 15 . (2) المصدر ص 346 جـ 5 وابن الوردي جـ 1 ص 233 . (3) نفس المصدر والصفحة . (4) المصدر جـ 6 ص 51 .
صفحة (71) وعمدة ما ارتكز عليه في ثورته ـ مضافاً إلى دعواه الانتساب بالنسب العلوي ـ أنه وجد دعوته بشكل رئيسي إلى العمال والطبقة الكادحة من الشعب ، وخاصة العبيد المماليك منهم ، تلك الطبقة التي تلاقي من ارهاق مستخدميها ومالكيها ومن ضغط الدولة أنواع الذل والشقاء . ومن ثم سمى صاحب الزنج أي قائد العبيد . فبدأ بعبيد أهل البصرة ودعاهم للاقبال إليه للخلاص من الرق والتعب ، فاجتمع عنده منهم خلق كثير ، فخطبهم ووعدهم أن يقودهم ويملكهم الأموال وحلف لهم بالإيمان أن لا يغدر بهم ولا يخذلهم . فأتاه مواليهم وبذلوا له على كل عبد خمسة دنانير ليسلم إليه عبده ، فأمر من عبده من العبيد فضربوا مواليهم أو وكلاءهم ، كل سيد خمسمئة سوط (1) . وكان هذا أول الشر. واكتسب العبيد بذلك قوة واندفاعاً وحماساً مضاعفاً ، استطاعوا أن يكتسحوا بها منطقة ضخمة من البلاد . واتسع شرهم من البصرة إلى عبادان وإلى الأهواز(2) ودستميسان (3) وواسط (4) ورامهرمز(5) وما بينهما من البلدان والمناطق . وحين احتلوا البصرة ، حاربوا أهلها بجيش من الزنج والإعراب ثلاث أيام . ـــــــــــــــــــــ (1) الكامل جـ 5 ص 347 . (2) المصدر ص 359 . (3) المصدر جـ 6 ص 8 . (4) المصدر ص 16 .
(5)
المصدر ص 23 .
|
|