|
||
|
ورابعاً: انها رغبت رغبةً شديدة بالامام عليه السلام ، وبكيت وهددت بالانتحار إذا لم يبعها منه . فماذا قرأت في الكتاب وكيف حصل لها معه هذه الرابطة القوية والرغبة الأكيدة ؟!. كل ذلك يراقبه بشر النخاس ويعجب منه. وتتولد في ذهنه علامات استفهام كبيرة! وتتأكد هذه العلامات وضوحاً حين رآها انها بمجرد أن استقر بها المقام في غرفته في بغداد .. اخرجت كتاب الامام (ع) من جيبها وصارت تلثمه وتضعه على خدها وتطبقه على جفونها وتمسحه على بدنها . فيقول لها متعجبأً منها : اتلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه ؟! . وإذ تجيبه عن سؤاله .. تراها تغطيه بياناً ضافياً ، عن تاريخها وأحوالها ، يفسر كل تصرفاتها الحالية .. نلخص منه المهم فيما يلي: انها مليكة بنت يشوعاء بن قيصر ملك الروم . وامها من ولد أحد الحواريين المنتسب إلى وصي المسيح شمعون. ويحدث في يوم من الأيام ان يحاول جدها القيصر تزويجها من ابن اخيه، فيعقد لذلك أعظم مجالسه ابهة وجلالة واكثرها من حيث عدد الحاضرين وأسخاها من حيث الذهب والجواهر الموزعة على أطراف المكان وعلى العرش الموضوع هناك المهيء للعريس الجديد .. فبينما يصعد ابن اخيه على العرش تتساقط الصلبان وتنهار الاعمدة ويخر الصاعد مغشياً عليه . ويتشائم القيصر والاساقفة ، ويبادره كبيرهم قائلاً : ايها الملك اعفنا من ملاقات هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني .
صفحة (246)
وعلى أي حال .. فهي ترى في تلك الليلة فيما يرى النائم انه انعقد في قصر جدها القيصر مجلس متكون من المسيح شمعون وعدة من الحواريين . ويدخل محمد صلى الله عليه وآله وجماعة معه وعدد من سبنيه فيخف المسيح لإستقبال معتنقاً له فيقول له نبي الاسلام (ص) : يا روح الله اني جئتك خاطباً من وصيك شمعون فتاته مليكة لإبني هذا . تقول: وأومى بيده إلى ابي محمد صاحب هذا الكتاب. فنظر المسيح إلى شمعون فقال : قد اتاك الشرف ، تصل رحمك برحم رسول الله وسلامه عليه قال : قد فعلت . فصعدوا ذلك المنبر وخطب محمد (ص) وزوجني من ابنه .. وشهد المسيح عليه السلام وشهد بنو محمد (ص) والحواريون . وعلى اثر هذا الحلم يعلق في نفسها حب الامام العسكري ابي محمد عليه السلام ، بالرغم من انها تخاف ان تقص هذه الرؤيا على ابيها وجدها مخافة القتل . ثم انها تصاب على اثر حرمانها من حبيبها بمرض شديد ، ويحضر لها جدها كل الأطباء فلا يفهمون من دائها شيئاً. ويطول بها الداء .. فيقترح عليها جدها ان تقترح عليه شيئاً ترغبه لكي ينفذ لها رغبتها عسى أن تحس بالسعادة في مرضها . فتقول له : يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة ، فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من اسارى المسلمين وفككت عنهم الاغلال وتصدقت عليهم ومنيتهم بالخلاص .. رجوت ان يهب المسيح وامه في عافية وشفاء . فينفذ لها جدها القيصر رغبتها .. فتتجلد في إظهار الصحة وتتنارل يسيراً من الطعام . فيسر جدها بتحسن حالتها ويزيد في اكرام الاسارى واعزازهم .
صفحة (247)
ثم انه يزورها في المنام بعد أربع ليال : مريم بنت عمران وفاطمة بنت محمد عليهما السلام . فتقوم العذراء بتعريف الزهراء لمليكه قائلة : هذه سيدة النساء أم زوجك ابي محمد عليه السلام . وإذ تعرفها مليكة تتعلق بها وتبكي وتشكو اليها امتناع ابي محمد (ع) من زيارتها فتجيبها الزهراء عليها السلام : ان ابني ابي محمد لا يزورك وانت مشركة بالله على دين مذهب النصارى. ثم تأمرها بأن تشهد الشهادتين ، فيدفعها الحب والشوق إلى امتثال هذا الأمر. وتدخل في الاسلام في عالم الرؤيا. واذ تسمع منها الزهراء (ع) ذلك ، تضمها إلى صدرها وتعدها بزيارة ابي محمد لها. وبعد ذلك يبدأ أبو محمد بزيارتها كل ليلة ، بدون اسثناء . قائلاً لها : ما كان تأخيري عنك إلا لشركك ، وإذ قد اسلمت فأني زائرك كل ليلة .. إلى أن يجمع الله شملنا في العيان . ثم ان أبا محمد عليه السلام يخبرها في بعض زياراته ، بأن جدها سيجرد جيشاً لقتال المسلمين في موعد حدده لها. وأمرها أبو محمد (ع) – وهو يريد ان يخطط لها طريق الاجتماع به في العيان – أمرها ان تتنكر في زي الخدم وتخرج من طريق معين لتلحق بطلائع الجيش الأسلامي ، ليأسروها وينقلوها إلى بلادهم . ففعلت ذلك حتى وصلت إلى بشر النخاس . وأنكرت في غضون ذلك شخصيتها ، ولم تخبر أحداً بإنتسابها إلى قيصر الروم ، وإذ يسألها مالكها عن اسمها : تدعي ان اسمها : نرجس . اذن فهي التي اختارت لنفسها هذا الاسم.
صفحة (248)
|
|