|
|||||
|
وقد سمعنا في بعض الروايات أنه يسند ظهره إلى البيت الحرام ، يعني الكعبة المشرفة وأنه يسند ظهره إلى الحجر الأسود .فإذا فهمنا ذلك مع الحفاظ على كونه وقوفه (بين الركن والمقام)، فيكون من اللازم أن نتصوره مستدبراً جدار الكعبة الذي بين الباب والركن الأسود ، وهي مسافة نصف متر أو تزيد قليلاً ، فيصدق أمه واقف بين الركن والمقام ، كما يصدق أنه مسند ظهره إلى الكعبة ، وإلى الحجر الأسود أيضاً ، لأن الحجر سيكون قريباً جداً منه عن يمينه إلى جهة ظهره . النقطة الثاثلة : في ارتباط خطبة المهدي (ع) بالتخطيط العام ، وتعبيرها عن نتائجه . ان هذه الخطبة المباركة بصفتها واقعة في آخر التخطيط العام السابق على الظهور ومعبرة عن نتائجه ،ومن هنا كانت لوحة كاملة عما ينبغي أن يعلن ساعتئذ من نتائج ذلك التخطيط ، ويظهر من عدة زوايا . الزاوية ألأولى: ما عرفناه من التخطيط من أن (اليوم الموعود) إنما هو نتيجة لجهود البشرية منذ أول وجودها إلى زمن وجوده ، وان خط الأنبياء والأولياء والصالحين والشهداء ، والمصلحين ، إنما هو واقع في طريقه والتمهيد إليه بشكل قريب وبعيد....وسيأتي في الكتاب الآتي من الموسوعة ما يزيد ذلك برهاناً. وإذا كان الأمر كذلك ، وكان المهدي (ع) هو قائد اليوم الموعود ومؤسس العدل الكامل في العالم : إذن فمن حقه أن يقول :فأنا بقية آدم وخيرة نوح ومصطفى أبراهيم وصفوة محمد. الزاوية الثانية : ما عرفناه في التخطيط من تركيزه بشكل خاص على تربية الجانب القيادي في شخصية القائد المذخزر للثورة العالمية ،وقد برهنا على ذلك بكل تفصيل في الكتاب السابق(1) .وها قد أنتج هذا التخطيط نتيجته ،وها هو القائد الكامل يواجه الناس ليبدأ بممارسة قيادته التي ذخر من أجلها . فمن المنطقي ،وهو خير البشر في زمانه . بل خير البشر بعد صدر الإسلام إلى عصر ظهوره ، من المنطقي أن يكون أولى من جميع الناس كالأنبياء والمرسلين بما فيهم نبي الإسلام (ص) .فهوأقرب إليهم علماً وعملاً وعدلاً من أي إنسان آخر .
صفحة (227) ـــــــــــــــــ (1) انظر ص(497) وما بعدها إلى عدة صفحات .
ومن هنا نسمعه قول : فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم . ومن حاجني بنوح فأنا أولى الناس بنوح . ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم . ومن حاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد .ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين . الزاوية الثالثة : ما عرفناه في التخطيط العام ، من إنتاج التمحيص الساري المفعول خلاله ، لإنحراف وضلال الأعم الأغلب من الناس وبذلك تمتلىء الأرض جوراً وظلماً . كما ورد في الخبر التواترعن النبي(ص) .ويكون تطرف المتطرفين منهم شديداً ، كما يكون تطرف المؤمنين إلى جانب الإيمان شديداً .وسمعنا في التاريخ السابق(1) ما تفعله الأكثرية المنحرفة بالأقلية المؤمنة من مظالم وشرور . النقطة الرابعة : تحتوي الخطبة المباركة أيضاً ، بعض النقاط من تخططيات المستقبل الذي تندرج خصائصه في التخطيط العام لما بعد الظهور . ويمكن الإلتفات إلى ذلك ضمن عدة زوايا أيضاً : الزاوية ألأولى : وجوب طاعة المهدي (ع) وبذل النصر له من أجل تطبيق العدل الكامل في العالم كله ،حيث نسمع المهدي (ع) يقول :فالله الله فينا ، لا تخذلونا وانصرونا ينصركم الله. وسيكون أول المبادرين إلى تطبيق هذا الأمر ، اؤلئك الصفوة المخلصين الممحصين ، ذوو العدد الكافي لغزو العالم بالعدل ، وسيأتي تفصيل ذلك غير بعيد . الزاوية الثانية : إن المهدي يعد الناس في خطبته بتطبيق الأطروحة العادلة الكاملة في دولته العالمية "أن يسير فيهم بسيرة رسول الله (ص) ويعمل فيهم بعلمه " كما سمعنا من إحدى الروايات . وكما سبق أن برهنا على ذلك في فصل سابق.
صفحة (228) ـــــــــــــــــ (1) انظر مثلاً ص266 وما بعدها أيضاً .
ونعني بسيرة رسول الله (ص) : القواعد والمفاهيم العامة التي كان ينطلق منها النبي (ص) إلى أعماله ، لا السيرة بكل خصائصها وتفاصيلها بطبيعة الحال، لوضوح اختلاف المصالح الزمنية بين العصرين بكثير .... بل سيأتي في بعض الروايات وجود بعض الإختلاف في تطبيقات الإمام المهدي (ع) عن تطبيقات رسول الله (ص) .فالمهدي (ع) يدرك الهارب ويجهز على الجريح وقتل المنحرف وإن كان مسلماً وإن كان على نفس مذهبه الإسلامي ، ويقضي بعلمه ولا بالبينة – كما في بعض الأخبار .وكل ذلك مما لم يعلمه رسول الله (ص) وهذه الأمور ونحوها لو ثبتت تعتير تخصيصاً واستثناء من المفهوم الذي بينته الخطبة ..وهو أن يسير بسيرة النبي (ص) على تفاصيلها . الزاوية الثالثة : تكفله (ع) بتطبيق وتفسير كتاب الله وسنة رسول الله (ص) ....من حيث أنه أولى الناس بهما وأشدهم إطلاعاً على تفاصيلهما وقدرة على فهم مغازيهما ومراميهما . النقطة الخامسة : دلت رواية مما سبق أن المهدي (ع) يصعد المنبر ويخطب ، فإن كان المراد منبراً يوضع له وقتياً في المكان المشار إليه سابقاً ، فهو .وإن كان المراد به المنبر المبني فعلاً في المسجد الحرام ، فهو أبعد عن الكعبة المشرفة من مقام إبراهيم ، ومن ثم لا يصدق عليه اته وقوف بين الركن والمقام . ومعه تكون هذه الروايات معارضة للروايات الدالة على وقوفه بين الركن والمقام . ومعه تكون هذه الروايات مقدمة على تلك الرواية ، فينتج الإلتزام بأنه (ع) لا يصعد المنبر الموجود حالياً ، بل يقف بين الركن والمقام ،ولو فوق منبر آخر. النقطة السادسة : دلت رواية مما سبق أن المهدي (ع) يبدأ كلامه بتقديم نفسه إلى الناس بذكر اسمه الحقيقي واسم أبيه ،بينما سكتت الروايات الآخرى عن ذلك ، بحيث يبدو أنه يهمل ذلك تماماً . وفي كل من هذين الموقفين نقطة قوة ونقطة ضعف محتملة . فإنه (ع) إن أهمل ذكر اسمه للناس . كما عليه أكثر الروايات :كانت هناك نقطة قوة ونقطة ضعف : نقطة القوة :أن فيه حماية من أعدائه في وقت حاجته إلى الحماية في أول حركته ، فإن الأعداء إن فهموا أنه المهدي الموعود ، فإنهم سوف يقضون على حركته باسرع وقت ، بخلاف ما لو لم يظهر للعالم بصفته المهدي الموعود . نقطة الضعف : إن الناس سوف لن يفهموا أنه هو المهدي بالمرة ، ومن ثم سوف لن ينصره المؤمنون ولن يسمع لكلامه الناس .
|
||||
|
|||||