|
|||||
|
ثم يخرج من موالي أهل الكوفة في ضعفاء ، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة .ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة ، فينفر المهدي (ع) منها إلى مكة .فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة . فيبعث جيشاً على أثره ، فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً ترقب على سنة موسى بن عمران . قال : وينزل أمير جيش السفياني البيداء ، فينادي مناد من السماء : يا بيداء ابيدي القوم ، فيخسف بهم ، فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر ... الحديث . ثم يبدأ الحديث بشرح حوادث الظهور التي ستسمعها في القسم الثاني . وسنذكر الأخبار الدالة على قتال السفياني للمهدي ومقتله على يده في ناحية آتية . الناحية الثانية: في إمكان الإعتماد على هذه الأخبار في الإثبات التاريخي ، طبقاً لمنهج الذي سردنا عليه في هذا الكتاب . إن الإتجاه العام لهذه الأخبار منطبق على هذا المنهج ، لولا بعض نقاط الضعف: النقطة الأولى : أن الخبر الذي رواه الشيخ عن عمار بن ياسر، لم يرو عن أحد المعصومين (ع) ، بل عن عمار نفسه.وإن كان من المرحج أنه اتقى هذه المعلومات عنهم (ع) . إلا أن الكلام كلامه ، بدليل قوله في أول الخبر :أن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان .الدال على أن المتحدث لم يعتبر نفسه من أهل البيت ، وهذا ما لا يحدث لو كان المتحدث أحد المعصومين (ع) ومعه يسقط الخبر عن الإثبات التاريخي .وتكون صحته متوقفة على القرائن أو اشتراك نقله مع الأخبار الأخرى ، أو تحقق ما أخبر به في العالم الخارجي . وهذا هو الحال في الخبر الذي أخرجه الشيخ عن بشربن غالب ، فإن الظاهر منه أنه هو المتكلم ، فلا يكون قابلاً للإثبات التاريخي . النقطة الثانية : أن خبر عمار غير مرتب من حيث الزمان ، فهو يحتوي على حوادث مختلطة : متقدمة ومتأخرة ، وغير محددة على ما يبدو . فنزول الترك الحيرة ، تعبيرعن السيطرة العثمانية عل العراق .ونزول الروم فلسطين هو الغزو الصليبي.
صفحة (163) وصاحب المغرب هو – على الأرجح – أبو عبد الله الشيعي الذي مهد بقتاله الواسع في شمال افريقيا لحكم المهدي الإفريقي (محمد بن عبد الله) (1) جد الفاطميين الذين حكموا بعدئذ مصر ردحاً من الزمن . وهذه الحوادث وردت في الحديث على عكس حدوثها التاريخي تماماً كما يتضح بمراجعة التاريخ الإسلامي. وإذا كانت حوادث الماضي فيه غير مرتبة فلعل حوادث المستقبل فيه كذلك . النقطة الثالثة : أن هناك تهافتاً بين بعض مضامين هذه الأخبار . فمن ذلك : مدة بقاء حكم السفياني ، فينما يصرح أحد الأخبار أنه يملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر ، نرى خبراً آخر ينفي ذلك بصراحة ، وأنه لا يملك إلا ثمانية . ومن ذلك : موعد وجود حركة السفياني ، فينما يظهر من بعض هذه الأخبار أن زوال دولة بني العباس يكون على يده ، إذا فهمنا من بني فلان وذلك كما هو الظاهر .ومعنى ذلك أن حركة السفياني قد وجدت وانتهت منذ أمد بعيد . نجد – إلى جنب ذلك – ارتباط حركة السفياني بالخسف ، وأن المهدي (ع) نفسه هو الذي يقتله .ومعنى ذلك أن حركته لم تحدث لحد الآن .وكم بين هذين الموعدين من بعد شاسع . غير اننا في التاريخ السابق(2) ناقشنا الخبر الدال على إزالته لدولة بني العباس .ومعه يكون هذا الموعد منتفياً، ويتعين الموعد الآخر . ومن ذلك : تعين دين السفياني .فبينما نسمع من احد الأخبار أنه مسيحي بشكل وآخر ( في عنقه الصليب ) نجد في خبر آخر أنه من المسلمين المهتمين باستئصال شيعة على (ع) . مع الإلتفات إلى أن المسيحي قلما يكون له اهتمام خاص بذلك . ومن ذلك : أن هناك تشويشاً وتضارباً في تسمية القادة الموجودين قبل الظهور .فإن ظاهر الأخبار تعاصر هذه الحركات تقريب، وكلها ذات أهمية في المجتمع ، إلى درجة يكون إهمال الخبر لذكر بعض قرينة على عدمه أساساً ، لعدم إمكان الإغراض عن ذكره – عادة – مع وجوده .
(1) انظر تاريخ الغبة الصغرى ص354. (2) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص624.
ففي بعض الأخبار لا نجد غير السفياني ، وفي بعضها نجد الخراساني والسفياني دون غيرهما ، وفي اخبار أخرى نسمع بوجود عدة قواد : أبقع واصهب وسفياني ويماني . وقل مثل ذلك في المنطقة التي يحكمها السفياني .فإن المقدار الواضح من الأخبار اطلاقة من دمشق وسيطرته عليها ، إلى جنب عدم وصوله إلى مكة والمدينة المشرفتين . وأما بالنسبة إلى باقي البلدان ، فالأمر لا يخلو من تشويش . ولعل من اوضح موارد التشويش هذه : الكوفة . حيث نسمع من بعض الأخبار ارتكازه فيها وسيطرته عليها . نجد في بعضها الآخر أن (الخراساني) يحتلها معه أيضاً . بل أن انطلاقه من دمشق أيضاً لا يخلو من ظلال، نظراً إلى الخبر القائل: بأن السفياني يقبل من بلاد الروم . غير أن الذي يهون الخطب ، أن أكثر منطلقات هذه النقطة قابلة للتذليل مع شيء من التفكير ، كما سوف نطبق بعضه فيما يلي : الناحية الثالثة : من الحديث عن السفياني : في محاولة فهم الحوادث التي تدل عليها هذه الأخبار ، ومحاولة ضبطها وترتيبها وانطلاقاً من ظاهرها على المستوى (الصريح) دون (الرمزي) ... ما لم تعن الحاجة إلى الحمل على الرمز أحياناً . إن منطلق السفياني سيكون هو الشام دون بلاد الروم .وأما الخبر الدال على إقباله من هناك .فسنذكر له فهماً خاصاً في حديثنا عن علاقة السفياني بالدجال . إن دمشق ستكون في يوم من الأيام مسرحاً لحروب داخلية وصدام مسلح بين فئات ثلاث كلها منحرفة عن الحق ،وكل منها يريد الحكم لنفسه .ولا تعبر لنا الأخبار عن اتجاهات هؤلاء وعقائدهم بوضوح ، غير أنها توضح وجود الإختلاف بينها عن طريق اختلاف الوانها ... وهي تعبرعن ألوان الأمراء باعتبارهم مركز الثقل في التوجيه الفكري والعسكري لقواعدهم الشعبية ، فأحدهم ابقع. والآخرأصهب. والآخر احمر أصفر أزرق، وهو السفياني .وهو الذي يكتب له النصر في المعمعة ، ويستطيع السيطرة على الموقف في الشام ،ويتبعه أهلها ، إلا أن عدد قليل من الناس و يعصمهم الله تعالى عن اتباعه ، وهم جماعة من المخلصين الممحصين الكاملين ، المعبر عنهم في بعض الأخبار بالأولياء والأبدال وكما اسلفنا ، ويحكم السفياني الكور الخمس : دمشق ، وحمص وفلسطين والأردن وقنسرين(1) إلى جنب ما سوف يملكه من مدن العراق .
صفحة (165)
ـــــــــــــــــ
|
||||
|
|||||