النقطة الثالثة: ان هذه الرويات لا تدل على امطار ضخمة
جداً ، فان أربعاً وعشرين مطرة موزعة على شهر أو شهرين مما يحدث في البلاد
المتوسطة المطر فضلاً عن الغزيرة الباردة. ومعه لا يمكن أن يكون هذا
المطر علامة على الظهور، لأن فكرة العلامة منطلقة من الإخبار عن شيء مهم وملفت
للنظر في التأريخ. وليس هذا المطر كذلك.
النقطة الرابعة: ان هذه الروايات لا تدل على مكان
حدوث هذه الأمطار. فقد تكون بلاداً باردة ممطرة وقد تكون بلاداً جافة ... كل ما
يمكن قوله : ان المطر سوف يحدث في بلاد الشرق الأوسط الاسلامية. الإ أن هذه
البلاد نفسها تحتوي على كلا القسمين من المناخ. فهناك الباردة الممطرة كأيران
ولبنان. وهناك الجافة الممحلة كالحجاز ونجد على العموم.
نعم ، يمكن أن يقال كـ(أطروحة)من أجل اكتساب هذا المطر الاهمية ومن ثم تصدق
عليه فكرة العلامية: ان مكان هذ المطر يمكن أن يكون على شكلبن:
الشكل الأول: انه ينزل في الاماكن المقدسة : مكة
والمدينة المشرفتين وهي من البلاد الجافة الممحلة. فيكون وجود هذه الكمية من
المطر فيه مهماً جداً.
الشكل الثاني: ان ينزل في كل منطقة الشرق الاوسط جميعاً. وبشكل مشترك ...
بالعدد والزمان المحددين السابقين. فيكتسب أهمية كبيرة أيضاً.
غير أن هذين الشكلين إنما يكتسبان الأهمية، لو تم
إثباتهما التأريخي، وقد عرفنا في النقطتين الأوليتين عدم صلاحية الروايات
للأثبات التأريخي.
وإذا لم يثبت ذلك، كان العديد مما ذكر في المصادر من الحوادث والعلامات
القريبة، للظهور، غير قابل للأثبات التأريخي أيضاً، لأنه ليس أحسن حالاً في
النقل من هذه الحادثة على أي حال.ومن ثم يكون الأحجى أن نعرض عنها،وندع العلم
بها الى أهله.
فهذا هو الكلام عن العلامات (الطبيعية) أعني الكونية
الخارجة عن المجتمع البشري. وعرفنا أن أهمها وأوضحها أثنان فقط هما النداء باسم
القائم واسم أبيه، ويليه الكسوف الخسوف. وليس هناك ما يمكن اثباته من الحوادث
والعلامات ( الطبيعية) غير ذلك، إذا مشينا على منهجنا في التمحيص التأريخي.
صفحة (138)
|