القسم الثالث : النداء باسم القائم (ع ) بدون أن يكون في الأخبار تعرض إلى نداء آخر :

أخرج الصدوق(1) بسنده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر (ع) ، في حديث ، قال :

ومن علاماته خروج السفياني ، ومناد نادي باسمه واسم أبيه .

وأخرج النعماني(2) بسنده عن أبي بصير عن ابي عبد الله (ع) ، قال :

قلت له :جعلت فداك ، متى خروج القائم . فقال : يا ابا محمد ، إنا أهل بيت لا نوقت ...إلى أن قال : ولا يخرج القائم حتى ينادي بإسمه في جوف السماء ، في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، ليلة جمعة .

قلت : بم ينادى؟ قال: باسمه واسم أبيه .إلا أن فلان بن فلان قائم آل محمد . فاسمعوا له واطيعوه.

وأخرج الشيخ في الغيبة(3) بسنده عن محمد بن مسلم ، قال :

ينادي مناد من السماء باسم القائم ، فيسمع ما بين الشرق إلى الغرب .فلا يبقى راقد ولا قائم إلا قعد ولا قاعد إلا قام على رجليه من ذلك الصوت .هو صوت جبرئيل الروح الأمين .

وأخرج أيضاً(4) عن أبي بصير (ع) قال : قال أبو عبد الله (ع) :

إن القائم صلوات الله عليه ، ينادي اسمه لله ثلاث وعشرين ...الجديث .

 إلى غير ذلك من الأخبار.


صفحة (129)
   
ــــــــــــــــــ

(1) انظر إكمال الدين المخطوط .  (2) أنظرغيبة النعماني ص134.

(3) انظر ص274.  (4) الغيبة للطوسي ص274.

 

 

والمعنى المفهوم من مجموع هذه الأخبار واخبار الجهة السابقة : أن أخبار الصيحة والفزعة واخبارالنداء بأقسامها تشير إلى معنى مشترك وحادثة واحدة، لا اختلاف فيها .

وإن تعددت أساليب الأخبار .ولا تعارض بينها في الحقيقة .كما أنها لا تدل على كثرة النداءات الأخبار . ولا تعارض بينها في الحقيقة .كما أنها لا تدل على كثرة النداءات أكثر من صوتين .لو تم القسم الثاني من الأخبار.

وعلى ذلك عدة قرائن ، من هذه الأخبار نفسها :

منها : أن الصيحة و النداء معاً نسباً إلى جبرئيل (ع) بشكل مستفيض .

ومنها أن وقتهما معاً في ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر رمضان .

ومنها :أنها جميعاً تورث الإهتمام الكبير. يستيقظ النائم ويقوم القاعد وتخرج العذراء من خدرها .

ومنها :أن الصيحة والنداء  من المحتوم . إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع .

وبعد حمل المطلق على المقيد والمجمل على المفصل، ما يلي:

1-إن المراد من النداء الذي هو من المحتوم هو نداء جبرائيل باسم القائم .

2- أن المراد من النداء الحق ليس إلا ذلك .

3- إن صيحة جبرئيل هي هذا النداء أيضاً .

4- إن الآية التي تخضع لها أعناق اعداء الله هو ذلك أيضاً .

5- إن الفزعة التي تخرج الفتاة من خدرها هو ذلك أيضاً .

6- إن التوقيت في الثالث عشر من شهر رمضان ، توقيته أيضاً .

فإن القسم الثالث من أخبار النداء ، أعني النداء باسم القائم واسم (أبيه) هي أخص هذه الأخبار جميعاً ، بما فيها أخبار الصيحة والفزعة ... فتصلح أن تكون مفسرة لها وشارحة لمدلولها .. كما ستكون الصفات الخرى المعطاة في تلك الأخبار ، صفة للنداء أيضاً ،  كالتوقيت والحتمية وغيرهما .

وإذا تم هذا الفهم العام ، كانت الأخبار الدالة ، على هذا المعنى المشترك متواترة بل تزيد على التواتر .فإن أخبار النداء وحدها مستفيضة ، فإذا أضفنا إليها أخبار الفزعة والصيحة كانت متواترة .

كما أن بعض الخصائص المذكورة لها مستفيضة ، كحصول الإهتمام  المتزايد والتوقيت الذي عرفناه ،وكونها من المحتوم ،وكونها صوت جبرئيل الأمين ، وانها تكون بالحق وضد أنصار الباطل .

 

 صفحة (130)   
 

ولا يبقى بعد ذلك مجال للنقد إلا في مستويين .

المستوى الأول : ما هو محتوى النداء؟ هذا ما بينته الروايات التي سمعناها على شكلين :

الشكل الأول : النداء باسم المهدي واسم أبيه .

الشكل الثاني : النداء بأن الحق في آل محمد .

فقد تحصل المعارضة بين هذه الروايات  ، ويبقى محتوى النداء ، خالياً من الدليل الصالح للإثبات .

والصحيح هو عدم التعارض ، باعتبار إحدى النقاط :

النقطة الأولى : أن افترضنا أن كلا ً من الندائين ذو دليل كاف لإثباته ، إذاً ، فينبغي أن نلتزم بوجود نداء واحد يحتوي على كلا المدلولين ، فهو يقول  إن الحق في آل محمد وإن أمامكم فلان بن فلان ، ولا تنافي بين الأمرين .

النقطة الثانية : أن نفهم الشكل الثاني للنداء راجع إلى الشكل الأول منه .وإن ما يحصل في الخارج هو الشكل الأول فقط . وإنما ذكر الشكل الثاني نتيجة لظروف تاريخية معينة .

وخاصة إذا التفتنا ان الأخبار الناقلة للندائين :بالحق أولاً ثم بالباطل ، نقلت النداء الأول على شكلين ، هما نفس الشكلين اللذين أشرنا إليهما ، فيكون ما دل على النداء هو من الشكل الأول قرينة عل فهم معين لما دل على أن النداء هو من الشكل الثاني ، وانه صدر في ظروف معينة .

النقطة الثالثة : أننا لو تنزلنا عن كلا النقطتين السابقتين ، وافترضنا حصول التنافي بين الندائين ، للعلم بأن أحدهما غير حاصل . إذاً ، يتعين الأخذ بالشكل الأول من النداء  ،ورفض الشكل الثاني ، لوفرة الأخبار الدالة على أنه ينادي باسمه واسم أبيه ، لأن منها ما ورد مستقلاً وهو القسم الثالث من الأخبار، ومنها ما ورد مع عطف النداء  الباطل عليه ،وهو أغلب القسم الثاني .فلا يكون ما دل من الأخبار على الشكل الثاني للنداء معارضاً ، لقلة عدد الأخبار فيه ... فيكون مرفوضاً .

المستوى الثاني : هل الأخبار الدالة على وجود النداء بالباطل كافية للإثبات اولاً ؟...

 صفحة (131)