الأسس العامة

 لتخطيط ما بعد الظهور


إذا أردنا التعرف على أسس وتفاصيل التخطيط العام لما بعد الظهور ، لا بد لنا من التفاتة إلى ما سبق أن قلناه في التمهيد ، من أنه يتعذرعلى الباحث الذي يعيش الفترة السابقة على الظهور أن يدرك العمق الحقيقي الإتجاهات القانونية والفكرية العميقة التي تكون سائدة بعد الظهور ، وعند تطبيق العدل الكامل على العالم .

ومن هنا ينبغي أن تبقى التفاصيل والتفريعات مصونة في الغيب إلى حين تحققها ، وإنما غاية جهد الباحث أن يدرك الخطوط العريضة والقضايا العامة المهمة التي يمكن الإطلاع عليها في حدود الثقافة الإسلامية الموجودة في العصر الحاضر .

وبذلك نعرف إحدى نقاط الإختلاف بين التخطيطين .فإن التخطيط الإلهي السابق متخذ للسير بالبشرية الماضية والحاضرة إلى نتائجها المطلوبة ....

وبتعبير أوضح أننا بحسب وجودنا  في هذا الزمن نعيش التخطيط الساري المفعول فيه .

ومن هنا يكون اطلاعنا على تفاصيل هذا التخطيط  ممكناً ومتيسراً إلى حد كبير ، عن طريق القواعد العامة المعروفة وعن طريق ما هو مشاهد بالوجدان مما قد تحقق من حلقاته وتفاصيله . كما سبق أن عرضنا ذلم مفصلاً في التاريخ السابق .

وإما تخطيط ما بعد الظهور ، فيحتوي على عدة نقاط ضعف في التعرف عليه :

أولاً : بعدنا الزماني عنه ، بحيث لا يمكن مشاهدته بالوجدان ،ولا أن يصل منه شاهد عيان .

ثانياً : أننا نقتصر في الغالب - في التعرف عليه القواعد العامة ، وهي لا تعطي  إلا العموميات ، ولا يمكنها الوصول إلى التفاصيل.

ثالثاً : أننا نجهل القوانين الجديدة والنظم التي ستكون معلنة في ذلك العصر، الأمر الذي يوفر لنا طريقاً سهلاً، في معرف ة التخطيط لو كان متوفراً ،

إلى غير ذلك ، مما يحدونا إلى الكفكفة من غلواء البحث ، والإقتصار في النتائج على مقدار الإمكان .

 

 صفحة (100) 

 

والكلام في ذلك يقع ضمن جهات ثلاث :

الجهة الأولى : في الخصائص العامة للمجتمع الذي ينطلق منه التخطيط ، وهو المجتمع العالمي الذي يتم فيه حكم الإمام المهدي (ع) وتطبيق العدل الكامل لأول مرة .

وإزالة العوائق التي يمكن أن تشكل خطراً عليه . وليس معناه صياغة كل نفوس الأفراد صياغة إسلامية عادلة كاملة لأول وهلة .

إن المهدي (ع) سيقتل عدداً كبيراً من الأفراد ممن فشل في التمحيص الموجود في التخطيط الإلهي السابق ، وأصبح يشكل خطراً على العدل الكامل في المجتمع الجديد، على ما سيأتي تفصيله... ولكن سيبقى – مع ذلك– عدة فجوات ونقاط ضعف في العالم ، يكون على التخطيط الجديد بشكل عام ، وعلى المهدي (ع) بشكل خاص، ملؤها وتذليل مصاعبها مما لا يؤثر فيه الفتح العسكري عادة .

النقطة الأولى : وجود أهل الذمة ، وهم الشعوب التي تؤمن بالأنبياء السابقين على الإسلام .وسيسمح لها – بمقتضى القواعد الإسلامية المعروفة الآن – البقاء على دينها مع دفع الجزية ... ويكون لها أن تدخل في دين الإسلام طواعية .

النقطة الثانية : وجود المذاهب المتعددة من معتنقي الإسلام ، ممن لا يظهرون معارضة للنظام الجديد .

النقطة الثالثة : نقص الثقافة الإسلامية العامة ، بالنسبة إلى العالم الذي يواجه قوانين الإسلام لأول مرة  ، وهي الشعوب التي كانت كافرة قبل الظهور ، ورضيت بالإسلام ديناً  بعده .

النقطة الرابعة : نقص الثقافة الإسلامية العامة ، في الأمة الإسلامية نفسها ، نتيجة لبعدها عن الإسلام في عصور الفتن والإنحراف .

النقطة الخامسة : نقص الثقافة الإسلامية في الأمة خاصة وفي البشرية عامة ، بالنسبة إلى القوانين الجديدة التي يصدرها القائد المهدي (ع) والأفكار العميقة التي يعلنها ، ريثما يتم إعلانها وتوضيحها للناس .

صفحة (101)