وسيأتي في القسم الثاني من هذا الكتاب ما يزيد هذه الأخبار بأقسامها الأربعة وضوحاً.

وهذها الأسلوبان من الإستدلال على حقيقة الدين الذي يتخذه المهدي (ع) ثابتان بغض النظر عن الدليل القائم على أساس التخطيط الإلهي والقائل بأن الأطروحة العادلة والكاملة المطبقة في اليوم الموعود في دولة المهدي (ع) هي الإسلام .وتصلح نتيجة هذين الأسلوبين للإستدلال على هذه الحقيقة . بأن نقول:

إن المهدي (ع) يطبق الأطروحة العادلة الكاملة في دولته العالمية ، كما ثبت في التخطيط العام وهو يعتنق ويطبق الإسلام . كما ثبت بهذين الأسلوبين الأخيرين .....إذاً فالإسلام هو الأطروحة العادلة الكاملة .

وكذلك يصح الإستدلال بالعكس ، بأن نغض النظر عن هذين الأسلوبين ونتساءل من جديد عن حقيقة الدين الذي يعتنقه المهدي ( ع) فنقول : إن المهدي يطبق الأطروحة العادلة الكاملة في دولته ، كما ثبت في التخطيط العام .والإسلام هو الأطروحة العادلة الكاملة ، كما  استدللنا في التاريخ السابق (1) وسيأتي الحديث عن ذلك في الكتاب الآتي أيضاً ...إذاً ، يثبت أن الدين الذي يعتنقه المهدي (ع) ويطبقه هو الإسلام ، إذ لا يحتمل أنه يطبق الإسلام وليس بمسلم ...فإن التطبيق الإسلامي سوف لن يكون تاماً وعادلاً إلا إذا كان الرئيس الأعلى مسلماً ، كما ثبت في الفقه الإسلامي .ويصلح أن يكون هذا أسلوباً ثالثاً إلى جنب الأسلوبين السابقين .

إذاً ، فهاتان الحقيقتان وهما :

1- إن دين المهدي (ع) هو الإسلام .

2- إن الإسلام هو الأطروحة العادلة الكاملة يمكن الإستدلال بإحداهما على الأخرى ، بعد أخذ إحداهما مسلمة والأخرى محلاً للإستلال ، وكلتاهما مدعمتان بأدلة أخرى غير هذه .

وإذا تبرهن على أن المهدي (ع) يطبق الإسلام في اليوم الموعود .باعتبار النظام الذي يتكفل  العدل الكامل... فإنه يترتب على ذلك عدة نتائج فيما إذا قورنت دولته بالدولة الحاضرة . وهذا ما سيأتي في القسم الثاني من الكتاب ، ونذكر الآن بعضها على سبيل المثال .

 

 صفحة (67)
ــــــــــــــــــ
(1) انظر ص 261 منه.
 

منها: توحيد المعتقد الديني في العالم بدين الإسلام ، طبقاً لقوله تعالى :

" من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه " على أساس أن هذا الدين هو الذي ينظم العالم ويحل مشاكله ويحقق له العدل الكامل . ويأتي هذا التوحيد تحت ظروف معينة يهيؤها القائد المهدي ، نشير إليها في مستقبل البحث .

ومنها : أن العالم سوف يحكم بأطروحة قانونية واحدة ،لا يحق فيها التجزئة ولا يجوز عليها الخروج .

ومنها اتحاد السياسة والدين في سير التطبيق و التاريخ ، كما كان عليه الحال في زمن النبي (ص) والخلافة الأولى ، وإنهاء فكرة : فصل الدين عن الدولة .

ومنها : ابتناء الحكم ، ابتناء التكامل الفردي والإجتماعي على الأساس الإلهي .ويتم القضاء تماماً على أي اتجاه مادي في العالم مهما كان نوعه .

ومنها : إنهاء فكرة كحق تقرير المصير . فإن مصير البشر قد تقرر من الأعلى ، من التخطيط الإلهي العام ولن يكون منبثقاً من البشر أو ناتجاً عن آرائهم الناقصة .

 

إلى غير ذلك من النتائج ، التي سيأتي التعرض لأسبابها ونتائجها مفصلاً .

الجهة الثانية : المذهب الذي يتخذه المهدي (ع) من مذاهب الإسلام ، يمكنأن يراد من المذهب أحد المعنيين :

المعنى الأول : أن يراد بالمذهب مجموع الأفكار المتبناة من العقائد والفقه السائد بحيث يكون كلام شيوخ المذهب وعلمائه دخيلاً في بلورته وصقل فكرته .

المعنى الثاني : أن يراد بالمذهب العقائد الرئيسية التي تشكل حجر الزاوية فيه والأساس الرئيس له ...كالقول بالعدل والإمامة الذين كانا محل الخلاف بين الإمامية وغيرهم من المسلمين .

فإن أردنا المعنى الأول من المذهب، فينبغي لنا أن نجزم بأن المهدي (ع) سيغار في تفاصيل تشريعه كل مذاهب المسلمين الموجودة قبل ظهوره ، ولايحتمل فيه أن يكون منسوباً إلى أي من المذاهب السائدة . لأن الكثير من أفكار كل مذهب. ناتج عن أفكار مفكريه واستنتاجات علمائه ، وهي– على أي حال - قابلة للخطأ والصواب. ما لم تكن من ضروريات الدين أو واضحات العقل .
 

صفحة (68)
ــــــــــــــــــ

(1) آل عمران : 3/ 85.