|
||
|
الفصل الرابع قيادات أصحابه ومقدار قابلياتها
سبق أن عرفنا بكل تفصيل عدد اصحاب الإمام المهدي من المخلصين الممحصين ،ودرجة إيمانهم وإخلاصهم لعقيدتهم وقائدهم... ومقدار شجاعتهم وإقدامهم على التضحيات الجلى في سبيل الله تعالى... ومقدار مشاركتهم وتأثيرهم في الفتح العالمي العادل. وعرفنا أيضاً، أن عدد اصحابه غير منحصر بهؤلاء الثلاثمائة والثلاثة عشر، بعد أن دلت الرويات أن نواة جيشه الأولى التي تجتمع في مكة في اول الظهور ، لا تقل عن عشرة آلاف إنسان ، فضلاً عمن يصل إليه بعد ذلك. ودلت القواعد العامة على ان التخطيط الإلهي لعصر ما قبل الظهور ينتج ثلاثة مستويات من الإخلاص ،كلهم سيكونون من أصحابه – بشكل وآخر – ويكون المخلصون من القسمين الأولين قابلين لتولي أهم الأعمال في دولة الإمام المهدي. هذا، وينبغي أن ننظر إليهم الآن، بصفتهم أناساً يباشرون الأعمال الهامة والحكم تحت إشراف الإمام، وتنظيمه لهم في العالم. وينفتح الحديث حول ذلك في عدة جهات: الجهة الأولى : في إيراد ما دار حول ذلك من الأخبار: أخرج القندوزي في الينابيع(1) عن أبي بصير ، قال ، جعفر الصادق رضي الله عنه: ما كان قول لوط (ع) لقومه : "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " إلا تمنياً لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه .وهم الركن الشديد . فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلاً ، وإن قلب الرجل منهم أشد من زبر الحديد .لو مروا على الجبال لتدكدكت .لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عزوجل.
(1) ص509 ط النجف
واخرج في البحار(1) الحديث الذي سبق أن رويناه ، بالإسناد إلى الفضيل بن يسار عن أبي عبدالله (ع) ،وفيه يقول: يتمسحون بسرج الإمام (ع) يطلبون بذلك البركة. ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد ، فيهم رجال لا ينامون الليل لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل .يبيتون على اطرافهم ويصبحون على خيولهم ، رهبان بالليل ليوث بالنهار . هم أطوع له من الأمة لسيدها. وهم من خشية الله مشفقون . وأخرج أيضاً (2) عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال: كاني بأصحاب القائم وقد أحاطوا ما بين الخافقين .ليس من شيء إلا وهو مطيع لهم. وأخرج أيضاً (3) عن عبد الأعلى الحلبي عن أبي جعفر (ع) في حديث طويل يقول فيه : فيبعث "يعني المهدي" الثلاثمائة والبضعة رجلاً إلى الآفاق كلها . فيمسح بين اكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعايون في قضاء ولا تبقى أرض إلا نودي فيها شهادة أن لا إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً رسول الله. وهو قوله تعالى " وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه ترجعون "(4) ... الحديث
(1) ج13 ص180. (2) المصدر ص185. (3) المصدر ص188- 189. (4) آل عمران : 3/83.
وأخرج النعماني(1) بإسناه عن هارون العجلي ، قال: قال أبو عبد الله (ع) : أن صاحب هذا الأمر محفوظ له أصحابه لو ذهب الناس جميعاً أتى الله بأصحابه .وهم الذين قال الله عزوجل : فإن يكفر بها هؤلاء ، فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين"(2) وهم الذين قال الله فيهم" فسوف يأتي االله بقوم يحبهم ويحبونه ، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " (3). واخرج أيضاً عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) قال: إذا قام القائم بعث في اقاليم الأرض (في الأقاليم بأسرها) في كل إقليم رجلاً يقول : عهدك في كفك ،فإذا ورد عليك ما لا تفهمه ولاتعرف القضاء فانظر إلى كفك واعمل بما فيها ... الحديث. وما أخرجه ابن طاوس في الملاحم والفتن(4) في حديث طويل عن أبي بصير عن جعفر بن محمد – يقول فيه : فقال أبو بصير : جعلت فداك ليس على ظهرها مؤمن غير هؤلاء (يعني الثلاثمائة والثلاثة عشر) ؟ قال:بلى ،ولكن هذه العدة التي يخرج فيها القائم (ع)، وهم النجباء والفقهاء وهم الحكام والقضاة الذين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشكل عليهم (عليكم) حكم. وما أخرجه في الإرشاد (5) عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال: يخرج مع القائم (ع) من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً خمسة عشر من قوم موسى (ع) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً .
(1) الغيبة للنعماني :ص 170. (2) الأنعام : 6/89. (3) المائدة : 5/ 57. (4) الغيبة ص172. (5) ص171. (6) ص344.وانظر أيضاً أعلام الورى للطبرسي ص423.
|
|