وأخرج النعماني(1) في الغيبة عن الإمام الباقر عليه السلام – في
حديث – قال: وإذا كان ذلك، فكونوا أحلاس بيوتكم.
وأخرج الشيخ في غيبته(2) عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: فإذا كان
ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم، حتى يظهر الطاهر بن الطاهر ذو الغيبة.
والمردا من هذه الرواية، كسابقاتها، لزوم البيت، يقال حلس وتحلّس بالمكان لزق.
ويقال: فلان حلس بيته إي ملازق لا يبرحه. وأحُد وهو الجبل المعروف قرب المدينة
المنورة. والمراد يضرب السيف بعد إتلاف السلاح وكسره.
فيكون المراد الإنعزال والإبتعاد عن المجتمع الذي تسوده الفتنة، فيشمل ما إذا
اتصل الفرد به لأجل إصلاحه وتقويمه. ويكون ذلك منهياً عنه في هذه الروايات،
خلافاً للحكم الشرعي الإسلامي وقواعده العامة، إلا أن تحمل على خصوص بعض
مبررادت العزلة التي ذكرناها، كما لو خاف على نفسه من الإنحراف أو غير ذلك.
القسم الرابع: الفرار من الفتن
أخرج البخاري في موضعبن من صحيحه(3) عن أبي سعيد الخدري عن النبي
(ص) يقول: يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغني يتبع بها شَعَفَ
الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن. وأخرجه أبو داود(4) وابن
ماجه(5) بنصه.
ـــــــــــــــــ
(1)
ص 102.
(2)
ص 103.
(3)
أنظر
جـ8، ص 129، وجـ9، ص 66.(4)
جـ2، ص
418.
(5)
جـ2، ص
1317.
صفحة (343)
وأخرج ابن ماجة(1): تكون فتن، على أبوابها دعاة إلىالنار. فأن تموت
وأنت عاض على جذع شجرة خير لك من أن تتبع واحداً منهم.
وشعف الجبال رؤوسها، وجذع الشجرة أصلها. والمراد من العض عليه زيادة ملازمته
والإلتصاق به.. وفيه دلالة على الخروج إلى الأرياف والأطراف.. يسكن الفرد
البساتين ويجاور الأشجار أو قمم الجبال، لينججو من مجاورة الفتن واتباع دعاة
الباطل.
وهذه الروايات، وإن كانت بسعة مدلولها، مخالفة للقواعد العامة التي عرفناها،
إلا أنه بالإمكان تقييدها كما عملنا في سابقاتها، فتبقى خاصة بصورة وجوب العزلة
والسلبية شرعاً.. وأما مع حرمتها، يكون الواجب هو العمل الإسلامي الإجتماعي
المنتج. وفي هذت القسم من الأخبار ما يؤيد هذا التقييد، حيث نجدها تحث على
الجهاد إلى جنب النصح بالفرار من الفتن. بل تخص وجوب الفرار بالعاجز عن الجهاد،
ويكون للجهاد الرتبة المقدمة على غيره، كما هو الصحيح في قواعد الإسلام العامة.
أخرج ابن ماجه(2): أن النبي (ص) قال: خير معايش الناس لهم، رجل ممسك
بعنان فرسه في سبيل الله، ويطير على متنه، كلما سمع هيعة أو قزعة طار عليه
إليها، يبتغي الموت أو القتل، مظانة. ورجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعاف،
أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد ربه، حتى يأتيه
اليقين. ليس من الناس إلا في خير.
وأخرج أيضاً(3) عن أبي سعيد الخدري: أن رجلاً أتي النبي (ص) فقال:
أي الناس أفضل؟ قالك رجل مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله. قال: ثم من؟ قال: ثم
أمرأ في شعب من يعبد الله عز وجل، ويدع الناس من شره.وللترمذي(4) حديث آخر بهذا المضمون.
ـــــــــــــــــ
(1)
جـ2، ص
1318، وأنظر نحوه في صحيح مسلم، جـ6، ص 20.
(2)
جـ2، ص
1316.
(3)
جـ2، ص
1317.
(4)
جـ3، ص
320.
صفحة (344)
إذن فالتكليف الإسلامي في عهد الفتن وافنحراف، منقسم إلى قسمين، لا ثالث لهما.
فإن المسلم الشاعر بالمسؤولية تجاه دينه.. أما أن يكون قادراً على الجهاد أو
العمل المنتج لتقويم المعوج والكفكفة من التيارات الكافرة. وأما أن لا يكون
قادراً على ذلك. فإن كان قادراً على العمل وجب عليه ذلك لا محالة. وأن كان
عاجزاً عنه فخير له أن يعتزل الفتنة وأهلها. وأما معايشة المنحرفين مع الضعف في
الإيمان والإرداة، فتؤدي إلى مالا يحمد عقباه في الدين والدنيا.. كما هو واضح
ومُعاش للناس يومياً.
القسم الخامس:
الأمر بالصبر، مع بيان صعوبة تحققه للمسلم المخلص، في مجتمع الفتن والإنحراف.
أخرج الشيخان(1) عن ابن عباس عن النبي (ص) قال:
من رأي من أميره شيئاً يكرهه فليبصر عليه، فإنه من فارق الجماعة شهراً، مات إلا
مات ميتة جاهلية. وفي نسخة مسلم: فميتة جاهلية.
وأخرجا(2) عن رسول الله (ص): إنكم ستلقون من بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني –
وزاد مسلم:- على الحوض.
وأخرج مسلم (3) عن حذيفة بن اليمان في حديث له مع رسول الله (ص) قال
(ص): يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يسنّون بسنتي. وسيقوم فيهم رجال
قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس. قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت
ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك. فاسع وأطع.
وأخرجت جملة من الصحاح الأخرى مثل هذه المضمون، ولكننا نقتصر على ما أخرجه
الشيخين، فيما أخرجناه
فهذه هي الأخبار التي تأمر بالصبر.
ـــــــــــــــ
(1)
البخاري، جـ9، ومسلم جـ6، ص 21.
(2)
البخاري، جـ9، ص 60، ومسلم، جـ6، ص 19.
(3)
جـ6، ص
20.
صفحة (345)
وأما الأخبار الدالة على صعوبة الصبر:
فما أخرجه أبو داود(1) عن المقداد بن الأسود، قال: أيم الله قد سمعت
رسول الله (ص) يقولك إن السعيد لمن حنّب الفتن. وإن السعيد لمن جنّب الفتنة. إن
السعيد لمن حنّب الفتنة. ولمن ابتلى فصبر فواها.
وما رواه النعماني في الغيبة(2) عن الإمام الباقر عليه السلام في
حديث: ولا والله لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم إلا بعد أياس.
وعنه عليه السلام في حديث(3) عما يصيب الناس الشر قبل خروج المهدي
(ع)، قال: فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط.
وروى الصدوق(4) عن منصور قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا
منصور إن هذا الأمر، لايأتيكم إلا بعد يأس.. الرواية.
وأخرج ابن ماجه(5) عن النبي (ص) قوله: حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً
وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأيت أمراً لا يدان لك بهن
فعليك خويصة نفسك، فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن على مثل قبض الجمر.. الحديث.
وأخرج الترمذي(6) عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (ص): يأتي على
الناس زمان الصابر على دينه، كالقابض على الجمر.
ـــــــــــــــ
(1)
جـ2، ص
417.
(2)
ص 111.
(3)
غيبة
النعماني، ص 135.
(4)
إكمال
الدين المخطوط.
(5)
جـ2، ص 1331.
(6)
جـ3، ص
359.
صفحة (
346)
صفحة (345)
ويقع الكلام في هذا القسم من الأخبار، ضمن أمرين:
الأمر الأول:
أن الأمر بالصبر مع الحاكم المنحرف وتحمل ظلمه وتعسفه بالسكوت، غير مطابق
للقاعدة الإسلامية، والأخبار الدالة عليه لايمكن قبولها بحال. وذلك: لأنها
تعانب من الطعن في صدورها عن النبي (ص) وفي دلالتها على المطلوب أيضاً.
اما الطعن في الصدور، فهو وضوح إن هذه الأحاديث تتم في مصلحةالحكام الذين
تزعموا على الأمة الإسلامية باسم الإسلام واستبزوا منها دماءها وخيراتها.. فقد
أرادوا بوضع هذه الأحاديث أن يأمروا المسلمين بالرضوخ لهم والصبر على جورهم،
وينسوا ذلك إلى رسول الله (ص).
فإن قال قائل: كيف تكون هذه الأخبار موضوعة، مع أنها تندد بهؤلاء الحكام،
وتصفهم بالفضائح.
أقول: لاتنافي بين الأمرين، إنطلاقاً من إحدى زوايا الثلاث:
الزاوية الأولى:
أن يكون وصف الحكام صحيحاً صادراً عن النبي (ص)، وهو لشهرته، لم يستطيعوا
مكابرته وإنكاره، وإنما أضافوا عليه وجوب الطاعة للحاكم المنحرف. فأصبح بعض
الواية صحيحاً وبعضها مدسوساً. وهذا هو المظنون بالظن الغالب.
الزاوية الثانية:
أن الحكام استطاعوا في هذه الزوايات أن يعرضوا أضخم صور للظلم ((وإن ضرب ظهرك
وأخذ مالك)) وزعموا أن الطاعة تكون واجبة بالرغم من ذلك. إذن فكيف الحال في
الظلم الأخف من ذلك؟.. أن الطاعة ستكون ألزم على الفرد بطبيعة الحال. إذن فليس
هناك صورة من الظلم إلا وتجب فيه الطاعة، للحاكم المنحرف.
الزاوية الثالثة:
أن الظلم في العصور المتأخرة عن صدر الإسلام كان واضحاً جداً لايمكنمكابرتهن
ومن هنا لم يكن هناك أي غضاضة أو كشف لسر غامض حين صرح
الحكام بذلك. وإنما صرحوا به إستطراقاً إلى غرضهم من ذبك وهو إثبات الأمر
بالطاعة منسوباً إلى رسول الله (ص).
واما الطعن في دلالة هذه الأخبار، فهو معارضتها بأخبار أخرى رواها الشيخان في
الصحيحين، تدل خلاف مضامينها، وتكون أقرب إلى القواعد الإسلامية العامة.
أخرج الشيخان حديثاً(1) بلفظ متقارب واللفظ للبخاري عن عبد الله بن
عمر عن النبي (ص) أنه قال: السمع والطاعة على المرء المسلم، فيما أحب وكره، ما
لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة.
وأخرج مسلم(2) عنه (ص): إنما الطاعة في المعروف.
وأخرج أيضاً(3) عن عبد الله بن عمرو بن العاص في حديث عن معاوية.
قال: فسكت ساعة.. ثم قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله. إلى غير ذلك
من الأخبار.
إذن فتكون هذه الأخبار قرينة على تقييد تلك الأخبار بما إذا لم يأمر الحاكم
بمعصية لله أو يشرع قانوناً منحرفاً، أو يؤسس عقيدة باطلة، فإن فعل شيئاً من
ذلك فلا طاعة له. ومن المعلوم أن تقديم الخاص على العام من اوضح ما تقتضيه
القواعد العامة.
غير أن هذا التقيدد، ينتج وجوب طاعة الحاكم المنحرف، إذا أمر بطاعة الله عز
وجل. وهو حكم غير صحيح في شريعة الإسلام، فإن وجوب الطاعة خاص بالحاكم الشرعي
العادل. وعلى ذلك يمكن حمل بعض هذه الأخبار السابقة.. مع طرح ما خالف القواعد
العامة منها.
هذا. وأما الأخبار الدالة على صعوبة الصبر في مجتمع الفتن والإنحراف، فهو أمر
صحيح واضح.. إذ ما ظنك بفرد صادق بين كاذبين وأمين بين خائنين ومسالم
بين معتدين.. كذلك يكون حال المؤمنين بين المنحرفين. وهذا هو طبع التمحيص
والتخطيط الإلهي على طول خط الغيبة الكبرى.
ــــــــــــــــــ
(1)
البخاري، جـ9، ص 78، ومسلم، جـ6، ص 15.
(2)
جـ6، ص
16.
(3)
جـ6، ص 18.
صفحة (348)
الأمر الثاني:
أن الأخبار الدالة على وجود الياس والقنوط، ذات مضمون صحيح، ومطابق للتمحيص.
فإن طول عصر الغيبة بنفسه حلقة من حلقات التمحيص الإلهي. إذ يزداد فيها الظلم،
حتى يكتسب الهيبة النفسية على ضعاف النفوس والإدارة، فيظنون قدراً حتمياً
ووضعاً أبدياً.. فيحصللديهم اليأس والقنوط.
كما أن امتداد غيبة الإمام المهدي (ع) سوف تنكشف في الضمائر المهلهلة والعقائد
المادية عن الشك أو الإنكار.
وحيث يكون وضع النفوس، هو الغالب في كل جيل إذن فسيكون الإتجاه العام للمجتمع،
لدى الفاشلين في التمحيص الإلهي، وهم الأغلب من البشر، كما عرفنا، سيكون هو
اليأس والقنوط، كما نطقت به هذه الروايات.
القسم السادس:
الأمر بكف اللسان في الفتنة.
سمعنا ما أخرجه الصدوق في إكمال الدين عن الإمام الباقر عليه السلام في أفضل ما
يتستعمله المؤمن في ذلك الزمان – يعني زمان الغيبة – قال: حفظ اللسان ولزم
البيت.
وأخرج أبو داود(1) عن رسول الله (ص) قال: ستكون فتنة صماء بكماء
عمياء(2) من أشرف لها استشرفت له. واشراف اللسان فيها كوقوع السيف.
ــــــــــــــــ
(1)
جـ2، ص
417.
(2)
وصف الفتنة بهذه الأوصاف بأوصاف أصحابها، أي لايسمع فيها الحق
ولاينطق به ولايتضح الباطل عن الحق. هامش السنن.
صفحة (349)
وأخرج الترمذي: تكون فتنة... اللسان فيها أشد من السيف(1) وأخرجه
ابن ماحه أيضاً(2) كلاهما عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله (ص):
وأخرج ابن ماجه(3) عنه (ص): أياكم والفتن. فإن اللسان فيها مثل وقع
السبف.
ولفهم هذا القسم من الأخبار أطروحتان:
الأطروحة الأولى:
إن المراد كف الللسان والإجتناب عن الكلام، في عصر الفتنة، سواء فيما يذكي أوار
الفتنة أو فيما يضادها، ويكفكف من جماحها ويخفف من ضررها.
وهذا هو المفهوم من الإطلاق وسعة المدلول في هذه الأخبار، وخاصة الخبر الأول
منها.
ولإذا كان هذا هو المفهوم، فلا بد من تقييده، بمقتضى القواعد العامة، التي تبرر
العزلة والسكوت أحياناً وتوجب العمل الإجتماعي تارةً أخرى. فيختص وجوب السكوت،
بترك الكلام الذي يكون مشاركة في الفتنة وإذكاء لأوراها. ويبقى الكلام المضاد
للفتنة مسكوتاً عنه في هذه الروايات، نعرف أحكامه من الأدلة الأخرى في الإسلام.
الأطروحة الثانية:
أن يكون المراد: وجوب كف اللسان عن المشاركة في لفتنة نفسها. فإن هذه المشاركة
من أشد أشكال الإنحراف، ومستلزم للفشل في التمحيص الإلهي لامحالة. ومعه تبقى
المشاركة بالقول والعمل في إزالة الفتنة أو تخفف شرها، أو مناقشة اتجاهاتها،
واجبة في الإسلام، طبقاً للقواعد العامة التي عرفناها. من دون أن تدل هذه
الروايات على نفيه.
ـــــــــــــــــــــــ
(1)
جـ3، ص
320.
(2)
جـ2، ص
1312.
(3)
المصدر والصفحة.
صفحة (350)
وتؤكد هذه الأطروحة قرينتان
القرينة الأولى:
تشبيه اللسان بالسيف، في الرويات. ومن المعلوم أن استعمال السيف بالشكل
المستنكر المحرم في عصر الفتنة. إنما هو فيما يوجب تأييدها وتشديدها، لا فيما
يكون ضدها، مع اجتماع الشرائط. ومعه يكون استعمال اللسان بالشكل المحرم خاصاً
بذلك أيضاً.
ولعل المراد من هذا التشبيه: هو استعمال اللسان في خضم الفتنة موجب – في نهاية
الشوط – لهلاك الكثيرين عقائدياً أو حياتياً، فيكون فعل اللسان كفعل السيف من
هذه الجهة. ومن المعلوم إسلامياً: أن الكلام الذي يوجب الهلاك هو الكلام الذي
يتضمن تأييد الفتنة والسير مع ركب الإنحراف. وأما الكلام الذي يردا به إطفاء
الفتنة ومناقشة الأراء المنحرفة، ونحو ذلك، ففيه سعادة الدارين وعز النشأتين
ومواكبة العدل الإسلامي الصحيح، فلا يمكن أن يقال عنه: إنه موجب للهلاك.
فنعرف من قرينة التشبيه في هذه الأخبار، أن المراج هو السكوت عن الكلام الذي
يكون إلى جانب الفتنة.
لقرينة الثانية:
الأخبار الأخرى الواردة في هذا الباب، الدالة على ان المراد من حفظ اللسان ترك
الكلام السيء الموجب لعصيان الله تعالى وغضبه.. وهو معنى ما قلناه من أنه يوجب
المشاركة في تأييد الفتنة والإنحراف. ومعه يبقى الكلام ضد الفتنة جائزاً بل
واجباً في الإسلام.
أخرج ابن ماجه(1) عن رسول الله (ص) أنه قال: من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر، فليقل خيراً أو يسكت. وعنه (ص) أيضاً: إن الرجل ليتكلم بالكلمة
من سخط الله، لايرى بها بأساً. فيهوى بها في نار جهنم سبعين خريفاً. وفي حديث
آخر أيضاً: وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن تبلغ ما بلغت، فيكتب
الله عز وجل عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه.
* *
*
ـــــــــــــ
(1) جـ2، ص 1313
صفحة (351)
القسم السابع:
الأمر بالتقية في عصر الغيبة الكبرى.
وهذا المضمون مما اقتصرت عليه أخبار الإمامية، دون غيرهم. فقد أخرج الصدوق في
إكمال الدين(1) والشيخ الحر في وسائل الشعيعة(2)
والطبرسي في إعلام الورى(3) عن الإمام الرضا عليه السلام، أنه قال
لادين لمن لاورع له، ولا إيمان لمن لا تقية له. وإن أكرمكم عند الهه أعلمكم
بالتقية قيل: يا ابن رسول الله: إلى متى؟. قال: إلى قيام القائم، فمن ترك
التقية قبل خروجنا قائمنا، فليس منا.. الحديث.
وفي الوسائل(4) عن معمر بن قلاد، قال: سألت أبا الحسن (ع) عن القيام
للولاة. فقال: قال أبو جعفر (ع): التقية ديني ودين آبائي، والا إيمان لمن لا
تقية له.
وعن أبي عمر الأعجمي قال: كان أبي يقول: وأي شيء أقر لعيني من التقية؟ إن
التقية جُنَّةُ المؤمن!.
ومن طرائف ما ورد في التفسير(5) ما روي عن جابر عن أبي عبد الله
(ع). قال: أجعل بيننا وبينهم سداً، فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاوا له
نقباً. قال: هو التقية.
وعن المفضل(6) قال سألت الصادق (ع) عن قوله تعالى: أجعل بينكم
وبينهم ردماً. قال: التقية. فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً.
قال: إذاً عملت بالتقية لم يقدروا لك على حيلة، وهو الحصن الحصين. وصار بينك
وبين
أعداء الله سد لا يستطيعون له نقباً. قال: وسألته عن قوله: فإذا جاء وعد ربي
جعله دكا. قال: رفع التقية عن الكشف، فانتقم من أعداء الله. أقول: المراد
بالكشف ظهور المهدي (ع) في اليوم الموعود.
ــــــــــــــــــــــــ
(1)
أنظر
المصدر المخطوط.
(2)
جـ2، ص
545.
(3) ص
408.
(4)
أنظر
الأخبار، الثلاثة الآتية في الوسائل، جـ2، ص 544.
(5)
و (6) المصدر السابق، ص 545.
صفحة (352)
|