|
||
|
ثم عد اماماً اماماً إلى ان بلغ إلى نفسه . ثم قال : اللهم انجز لي ما وعدتني واتمم لي امري وثبت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلاً . وفي رواية اخرى انه قال : الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين . زعمت الظلمة ان حجة الله داحضة . ولو اذن لنا في الكلام لزال الشك . وفي رواية ثالثة : انه عليه السلام تلا قوله تعالى "شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم .." إلى آخر الآية . وفي رواية رابعة : انه تلا قوله تعالى: "ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين .." الى آخر الآية . ونحن كمسلمين ، لا ينبغي ان تستغرب ذلك أو بستنكره ، فانه ليس بدعاً في الدهر ، وليس شاذاً في افعال الله تعالى وقدرته الكبرى. وهذا القرآن يصرح بكل وضوح بنطق عيسى بن مريم في المهد : "قال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبياً .." اذن فهو نبي في صغره ايضاً ، والمهدي عليه السلام له الشبه به من كلتا الناحيتين . أما النطق فباعتبار هذا الذي سمعناه . وأما الامامة في الصغر فلانه تولاها وعمره خمس سنوات بعد وفاة ابيه عام 260 للهجرة . وينزل الحجة المهدي عليه السلام إلى الأرض بدون دماء نظيفاً مفروغاً منه فيستدعى به أبوه عليه السلام ، فتحمله حكيمة اليه ، فيأخذه ويضع لسانه في فيه ويمر يده على عينيه وسمعه ومفاصله. ثم يقول له : تكلم يا بني. فقال:اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم صلى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة إلى ان وقف على ابيه . ثم احجم .
صفحة (267)
أقول : والروايات تنسب اليه عليه السلام بعد ميلاده كلاماً واحداً ، ولكنها تختلف في زمانه . فالأكثر انه تكلم عند أول ولادته وواحدة منها تقول انه تكلم بعد حمله إلى ابيه – وهو ما نقلناه اخيراً – ويكون مقتضى الجمع بين الروايات انه قد تكلم مرتين، باعتبار ان كل رواية اثبتت شيئاً لم تنفه الرواية الاخرى . إلا ان النتيجة ، وهي تكلمه مرتين ، يكون منافياً مع فحوى سائر الروايات فالأرجح هو الأخذ بالروايات الأكثر وهو انه تكلم بكلام واحد بعد ولادته مباشرة . فإنها بتعددها تكفي للإثبات التاريخي ، وان كان القطة بمثل هذه المسألة مما لا حاجة اليه من الناحية الدينية أو الاجتماعية . والمفهوم من سياق أكثر الروايات انه لم يكن حال ولادة المهدي إلا امه وحكيمة . وكان والده يشتغل بالصلاة والدعاء في طرف آخر من الدار ، مراقباً للوضع عن كثب ، إلا ان هناك رواية تصرح باستقدام عجوز قابلة من جيرانهم بشكل غامض شديد الكتمان ، للقيام بالتوليد(1) وفي هذا منافات لأكثر الروايات ، ومعه فالارجح الأخذ بالأكثر دون هذه الرواية. ــــــــــــــــــــ (1) انظر الغيبة للشيخ الطوسي ص 145 . وأعلم ان ما ذكرناه من قصة الميلاد مسيقى من روايات عديدة ، موجودة – في الأغلب – في اكمال الدين للشيخ الصدوق . الا ان مما يساعد على سعة الاطلاع في هذا الصدد مراجعة كتاب الغبية للشيخ الطوسي والخرايج والجرايح للقطب الرارندي والبحار ج 13 للعلامة المجلسي ومنتخب الأثر للصافي وغيرها .
ما بعد المولد : يولد الامام المهدي عليه السلام ، شأنه في ذلك شأن آبائه عليهم السلام ، مختوناً ، ولكن والده يقرر امرار الموسى عليه لإصابة السنة(1) فإنه لا ينبغي أن تتخلف السنة الاسلامية عن أحد . ويأمر الامام العسكري عليه السلام ، ابا عمر وعثمان بن سعيد ، وهو من أخص أصحابه لديه .. بأن يعق عن المولود الجديد عدداً من الشياه وان يشتري عشرة آلاف رطل من الخبز وعشرة آلاف رطل لحماً ويوزعه على الفقراء(2) وما أكثرهم في ذلك المجتمع المنحرف، وخاصة في القواعد الشعبية للأمام المعزولين اجتماعياً واقتصادياً . وقد وصلت شاة مذبوحة إلى محمد بن ابراهيم الكوفي ، باعتبارها عقيقةعن المولود الجديد (3) . ويتباشر الأصحاب الخاصون بميلاد الامام المهدي عليه السلام فيزور أحدهم الامام العسكري (ع) فيهنؤه بولادة ابنه القائم (4) ويجتمع اثنان من الأصحاب فيبادر أحدهما الآخر قائلاً : البشارة. ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمد عليه السلام ، وأمر بكتمانه . فيسأله الآخر السؤال المعتاد ... يسأله عن أسم المولود الجديد ، فيقول له : سمي محمد وكني بجعفر (5). ــــــــــــــــــــ (1) انظر اكمال الدين المخطوط . (2) انظر المصدر . (3) انظر المصدر . (4) انظر المصدر . (5) انظر المصدر .
|
|