وكان الشمال الإفريقي مستقلاً ـ إلى حد  كبير ـ تحت امرة آل الأغلب، إبتداء بزيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب، وبعده أخوه الأغلب(1) ، وانتهاء بزيادة الله بن أبي العباس بن عبد الله (2) الذي زال ملكه بسيف أبي عبد الله الشيعي الذي مهد لسلطان المهدي الإفريقي جد الفاطميين ، على ما يأتي في تاريخ القسم الثاني من هذا الكتاب . وفي كل ذلك لا تكاد تجد للخلافة في سامراء أو في بغداد أي رأي أو تصرف .

وأما بلاد فارس وما وراء النهر، فقد كانت في عهد المعتصم مسرحاً للقتال ، ففي منطقة زنجان وأردبيل وأذربيجان ، حصل صدام مسلح بين بابك الخرمي من ناحية وبين حيدر بن كاوس وبغا الكبير من ناحية أخرى عن السلطان . وذلك من عام 221هـ حتى عام 223 هـ حيث قدم الأفشين إلى سامراء ومعه بابك وأخوه عبدالله ، فقتله المعتصم ، وأرسل رأسه إلى خراسان وصلب بدنه بسامراء (3) .

وفي سنة 224هـ أظهر مازيار بن قادن الخلاف على المعتصم بطبرستان (4) ، وكان قد اصطنعه المأمون (5) .

ــــــــــــــــــــــ

(1)    الكامل جـ 5 ص 252 .     (2)    المصدر ص 123 جـ 6 .

(3)    المصدر جـ 5 ص 246 .  (4)    الكامل جـ 5 ص 253 .

(5)    المروج جـ 3  ص 473 .


صفحة (64)
 

وفي سنة 223 هـ، كان باذربيجان قلاقل وحروب ، استمرات ثمانية أشهر ، قادها محمد بن البعيث بن الجليس وجماعته . حتى أخضعهم بغا الشرابي من قبل السلطان ، وفتح المدينة (1) . ثم استقدم ابن البعيث إلى سامراء وحبس فيها وجعل في عنقه مئة رطل ، فلم يزل على وجهه حتى مات (2) .

وفي عام 238هـ ، كان قتال في تفليس بين بغا وقواده الأتراك من ناحية وبين إسحاق بن إسماعيل من ناحية أخرى. وأحرق بغا المدينة، فاحترق فيها نحو خمسين ألف انسان، واسروا من سلم من النار وسلبوا الموتى(3).

وفي عام 253هـ في عهد المعتز ، حدث قتال في همدان ، بين عبد العزيز بن أبي دلف ، في أكثر من عشرين ألف من الصعاليك وغيرهم ، وبين جيش الخليفة ، بقيادة موسى بن بغا (4).

وكانت بلاد فارس ، والعراق أحياناً (5) ، مسرحاً خصباً لجيوش يعقوب بن الليث الصفار وحروبه ، من سنة 253هـ إلى أن توفى عام 265 هـ وخلفه أخوه عمرو بن الليث ، إلا أنه اصبح موالياً للخلافة (6) .

ــــــــــــــــــــــ

(1)    الكامل جـ 5 ص 281 .   (2)    المصدر ص 284 .

(3)    المصدر ص 292 .          (4)    المصدر ص 335 .

(5)    المروج جـ 4 ص 112 وما بعدها .  (6)    الكامل جـ 6 ص 24 .


صفحة (65)
 

على أن يعقوب كان يجد من مصلحته إظهار الولاء للدولة ، وإن كان بمنزلة لا تقوى الدولة على قمعه ، فكان الخليفة يستميله ويترضاه (1) اتقاء لشره ولم يبرز مكنونة إلا في فراش الموت حيث قال لرسول الخليفة إليه : قل للخليفة إنني عليل ، فإن مت ، فقد استرحت منك واسترحت مني ، وإن عوفيت فليس بيني وبينك إلا هذا السيف (2) .

ومنذ عام 261هـ استقل ـ إلى حد كبير ـ نصر بن أحمد الساماني. ببلاد ما وراء النهر ، وهي تتمثل بمناطق بخارى وسمرقند إلى خراسان (3) . حتى توفى عام 279 هـ ، وولي بعده أخوه اسماعيل بن أحمد (4) .

وأما مصر فقد استقل بها أحمد بن طولون ـ وهو من الأتراك ـ استخلفه عليها بابكيال التركي عام 254هـ في عهد المعتز (5) وحين ولي المهتدي وقتل بابكيال صارت مصر لياركوج التركي ، وكان بينه وبين أحمد بن طولون مودة متأكدة ، فوسع ولايته على الديار المصرية كلها ، فقوى أمره ودامت أيامه (6) . حتى توفى مبطوناً عام 270هـ (7) وكان قد استغنى من ملكه عن الإرتباط بالخلافة (8) وإن لم يناجزها العداء فعلاً .

ــــــــــــــــــــــ

(1)    المصدر ص 21 .    (2)    نفس المصدر والصفحة .

(3)    المصدر ص 21 .    (4)    المصدر ص 74 .

(5)    الكامل جـ 5 ص 339 .   (6)    المصدر والصفحة .

(7)    الكامل جـ 6 ص 55 .     (8)    انظر مثلاً المصدر ص 13 .

 

صفحة (66)